للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتحرّى صوم الإثنين والخميس.

وقال في «جمع الوسائل» : وفيه دليل لأبي حنيفة ومالك حيث ذهبا إلى أن صوم يوم الجمعة وحده حسن، فقد قال مالك في «الموطأ» : لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ممّن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن!! وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه؛ وأراه كان يتحرّاه!. انتهى كلامه.

وعند جمهور الشافعية يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلّا أن يوافق عادة له؛ متمسّكين بظاهر ما ثبت في «الصحيحين» ؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلّا أن يصوم قبله أو بعده» فتأويل الحديث عندهم: أنّه كان يصومه منضمّا إلى ما قبله [أو] إلى ما بعده. أو أنّه مختصّ برسول الله صلى الله عليه وسلّم كالوصال- على ما قاله المظهري-.

ويؤيده قوله «لا يصوم أحدكم ... » المشعر بتخصيص الأمّة رحمة عليهم.

لكنه- كما قال الحافظ ابن حجر- ليس بجيّد، لأن الاختصاص لا يثبت بالاحتمال، ولم يبلغ مالكا النهي عن صوم يوم الجمعة فاستحسنه، وأطال في «موطّئه» وهو؛ وإن كان معذورا لكن السنّة مقدّمة على ما رآه هو وغيره. انتهى.

(و) أخرج الترمذي؛ في «الجامع» و «الشمائل» ، والنسائيّ، وابن ماجه وإسناده حسن؛ كما في «العزيزي» -: (عن عائشة رضي الله تعالى عنها؛ قالت:

كان النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يتحرّى صوم الاثنين) - بهمزة وصل؛ أي: صوم يوم الاثنين- (والخميس) ؛ تحرّاه: تعمّده، أو: طلب ما هو الأحرى بالاستعمال، فالمعنى على الأول: يتعمّد صومهما؛ فيصبر عن الصوم منتظرا لهما، وعلى الثاني! معناه: يجتهد في إيقاع الصوم فيهما، لأن الأعمال تعرض فيهما؛ كما في الخبر الآتي، ولأنّه سبحانه وتعالى يغفر فيهما لكلّ مسلم إلّا المتهاجرين أي: المتقاطعين

<<  <  ج: ص:  >  >>