وعن أمّ سلمة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أكثر صومه السّبت والأحد، ويقول:«هما يوما عيد المشركين فأحبّ أن أخالفهم» .
(و) أخرج الإمام أحمد، والطبراني في «الكبير» ، والحاكم في «باب الصوم» ، والبيهقيّ في «سننه» : كلّهم؛
(عن أمّ سلمة رضي الله تعالى عنها) ، وسببه أنّ كريبا أخبر أنّ ابن عبّاس وناسا من الصحابة بعثوه إلى أمّ سلمة يسألها؛ عن أيّ الأيام كان أكثر لها صياما؟! فقالت: يوم السبت والأحد، فأخبرهم؛ فقاموا إليها بأجمعهم؟! فقالت:
صدق، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم أكثر صومه) من الشهر (السّبت والأحد) ؛ أي: معا، لأن إفرادهما كيوم الجمعة مكروه.
وسمّي «السبت» بذلك!! لانقطاع خلق العالم فيه، لأن السبت هو القطع.
وسمّي «الأحد» بذلك!! لأنه أوّل أيّام الأسبوع عند جمع؛ ابتدأ فيه خلق العالم.
(ويقول: «هما يوما عيد المشركين) ؛ أي: اليهود والنصارى، لأن أصل كفر اليهود والنصارى بالشرك وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [٣٠/ التوبة] .
(فأحبّ) - بصيغة المضارع- (أن أخالفهم» ) لأنهم يجعلونهما يومي لهو ولعب، فأنا أجعلهما يومي عبادة، وفيه أنّه لا يكره إفراد السبت مع الأحد بالصوم، والمكروه إنما هو إفراد السبت؛ لأن اليهود تعظّمه، والأحد؛ لأنّ النصارى تعظّمه، ففيه تشبّه بهم.
بخلاف ما لو جمعهما، إذ لم يقل أحد منهم بتعظيم المجموع. قال بعضهم:
ولا نظير لهذا في أنّه إذا ضمّ مكروه لمكروه آخر تزول الكراهة. انتهى «مناوي» .