للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسراجا منيرا، ورؤوفا رحيما، ومذكّرا، وجعله رحمة ...

متعذّر، فإذا حصل الإذن سهل وتيسر. ومن هنا أخذ الأشياخ استعمال الإجازة للمريدين، فمن أجازه أشياخه أشياخه بشيء من العلم والإرشاد؛ فقد سهلت له الطريق وتيسّرت، ومن لم تحصل له الإجازة وتصدّر بنفسه؛ فقد عطّل نفسه وغيره، وانسدّت عليه الطرق؛ قاله الصاوي.

(وسراجا منيرا) ؛ أي: مثله في الاهتداء، فهو صلّى الله عليه وسلم تقتبس منه الأنوار الحسيّة والمعنوية، قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (٤٦) [الأحزاب] (و) سمّاه الله تعالى في سورة التوبة (رؤوفا) :

شديد الرحمة؛ (رحيما) : يريد لهم الخير. قال تعالى (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١٢٨) [التوبة] . قال الحسن بن المفضّل: لم يجمع الله لأحد من أنبيائه اسمين من أسمائه تعالى إلّا للنبي صلّى الله عليه وسلم فسمّاه «رؤفا رحيما» ؛ وقال (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١٤٣) [البقرة] .

(و) سمّاه (مذكّرا) في سورة الغاشية في قوله تعالى (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) (٢١) [الغاشية] (وجعله رحمة) للعالمين، ورحمة مهداة، قال تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧) [الأنبياء] فهو رحمة لجميع الخلق: المؤمن بالهداية، والمنافق بالأمان من القتل، والكافر بتأخير العذاب عنه.

وروى الحاكم؛ عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- رفعه: «إنّما أنا رحمة مهداة» . وللطبراني: «بعثت رحمة مهداة» ، قال ابن دحية: معناه: أن الله بعثني رحمة للعباد لا يريد لها عوضا، لأن المهدي إذا كانت هديّته عن رحمة لا يريد لها عوضا. انتهى.

وقال أبو بكر بن طاهر- رحمه الله تعالى-: زيّن الله تعالى محمدا صلّى الله عليه وسلم بزينة الرحمة، فكوّنه وجميع شمائله وصفاته رحمة على الخلق، وحياته رحمة، وموته رحمة، كما قال صلّى الله عليه وسلم: «حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم» ، وكما قال «إذا أراد الله رحمة بأمّة قبض نبيّها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا» . انتهى؛ قاله الزرقاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>