وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل به أمر.. فوّض الأمر فيه إلى الله عزّ وجلّ، وتبرّأ من الحول والقوّة، وسأله الهدى واتّباعه، وسأله البعد عن الضّلالة. وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا جاءه أمر يسرّ به.. خرّ ساجدا شكرا لله تعالى.
فيه؛ أي: إذا كان الأمران خيرا فاختر لي الأكثر خيرا منهما، فالخيرات كلّها من خيرته، والصفوة من الخيرات مختاره، فلا تكرار.
(و) في «كشف الغمة» للعارف الشعراني رحمه الله تعالى:
(كان صلى الله عليه وسلّم إذا نزل به أمر) أي: هجم عليه حزن أو همّ؛ (فوّض الأمر فيه إلى الله عزّ وجلّ) ؛ أي: ردّه إليه وجعله الحاكم فيه، (وتبرّأ من الحول والقوّة) إلى حول الله وقوّته، (وسأله الهدى) إلى الصراط المستقيم؛ صراط الذين أنعم الله عليهم (واتّباعه) ، وأطلق «الهدى» !! ليتناول كلّ ما ينبغي أن يهدى إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق، (وسأله البعد عن الضّلالة) أي: الهلاك بعدم التوفيق للرشاد، وهذا تشريع وتعليم للأمّة ما ينفعها.
(و) أخرج الترمذيّ في آخر «الجهاد» - وقال: حسن غريب؛ لا يعرف إلّا من هذا الوجه- وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم في «الصلاة» ؛ كلّهم من حديث بكّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة؛ عن أبيه؛ عن جدّه: أبي بكرة رضي الله تعالى عنه- قال الحاكم: وبكّار صدوق، وللخبر شواهد. وقال عبد الحق: فيه بكار؛ وليس بقويّ. وقال ابن القطّان: لكنه مشهور مستور، وقد عهد قبول المستورين.
انتهى مناوي على «الجامع» . وقال العزيزي: إنّه حديث حسن لغيره، - قال:
(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا جاءه) - لفظ رواية الحاكم:«إذا أتاه» - (أمر) أي: أمر عظيم كما يفيده التنكير (يسرّ به) أي: بغتة، فلا يسنّ سجود الشكر لكلّ نعمة كدوام العافية والجاه، وإلّا! لزم استغراق العمر في سجود الشكر. وقوله (خرّ ساجدا شكرا لله تعالى) ؛ أي: سقط على الفور هاويا إلى إيقاع سجدة الشكر لله تعالى؛ على ما أحدث له من السرور، فسجدة الشكر سنّة عند حدوث نعمة، وكذا عند اندفاع نقمة، والسجود أقصى حالة العبد في التواضع لربّه؛ وهو: أن