للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا فرغ من دفن الميت.. وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التّثبيت؛ فإنّه الآن يسأل» .

إسناده حسن. انتهى- وكذا رواه الحاكم والبزّار: كلّهم؛ عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قال:

(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا فرغ من دفن الميت) أي: المسلم.

قال الطيبيّ: والتعريف للجنس، وهو قريب من النّكرات.

(وقف عليه) أي: على قبره هو وأصحابه صفوفا؛ (فقال: «استغفروا لأخيكم) - في الإسلام- (وسلوا له التّثبيت) - أي: اطلبوا له من الله تعالى أن يثبّت لسانه وجنانه لجواب الملكين- (فإنّه الآن يسأل» ) - بضمّ أوّله-؛ أي: يسأله الملكان: منكر ونكير، فهو أحوج ما كان إلى الدعاء والاستغفار، وذلك لكمال رحمته صلى الله عليه وسلّم بأمّته، ونظره إلى الإحسان إلى ميتهم ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده.

قال الحكيم الترمذي: الوقوف على القبر وسؤال التثبيت للميت المؤمن في وقت دفنه مدد للميت بعد الصلاة، لأنّ الصلاة بجماعة المؤمنين كالعسكر له اجتمعوا بباب الملك يشفعون له، والوقوف على القبر بسؤال التثبيت مدد العسكر، وتلك ساعة شغل المؤمن، لأنّه يستقبله هول المطلع والسؤال وفتنته، فيأتيه منكر ونكير؛ وخلقهما لا يشبه خلق الآدميين، ولا الملائكة، ولا الطير، ولا البهائم، ولا الهوام، بل خلق بديع، وليس في خلقهما أنس للناظرين!! جعلهما الله مكرمة للمؤمن لتثبيته ونصرته، وهتكا لستر المنافق في البرزخ من قبل أن يبعث حتى يحلّ عليه العذاب.

وإنما كان مكرمة للمؤمن!! لأن العدوّ لم ينقطع طمعه بعد، فهو يتخلّل السبيل إلى أن يجيء إليه في البرزخ، ولو لم يكن للشيطان عليه سبيل هناك؛ ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالدعاء بالتثبيت!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>