للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقلّ الكلام، وأكثر حديث نفسه.

ويحزنه- (وأقلّ الكلام، وأكثر حديث نفسه) . تفكّرا في أهوال الموت وما بعده؛ من القبر والظلمة وأحوال القيامة، وما إليه المصير. ولعل مستند الراوي في ذلك إخباره صلى الله عليه وسلّم، وإلّا! فهو أمر خفيّ لا يطّلع عليه.

وقد أخرج هذا الحديث الطبراني في «الكبير» بسند فيه ابن لهيعة- عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما- بلفظ: كان إذا شهد جنازة رئيت عليه كابة، وأكثر حديث النفس.

وأخرجه أيضا ابن المبارك وابن سعد في «الطبقات» ؛ عن عبد العزيز بن أبي رواد مرسلا بلفظ: كان إذا شهد جنازة أكثر الصّمات وأكثر حديث نفسه.

قال المناوي في «شرح الجامع» : قال في «فتح القدير» : ويكره لمشيّع الجنازة رفع الصوت بالذكر والقراءة، ويذكر في نفسه. انتهى.

وقال النووي في «الأذكار» : يستحبّ للماشي مع الجنازة أن يكون مشتغلا بذكر الله تعالى والفكر فيما يلقاه الميت، وما يكون مصيره، وحاصل ما كان فيه، وأنّ هذا آخر الدنيا، ومصير أهلها، وليحذر كلّ الحذر من الحديث بما لا فائدة فيه، فإنّ هذا وقت فكر وذكر يقبح فيه الغافلة واللهو، والاشتغال بالحديث الفارغ، فإنّ الكلام بما لا فائدة فيه منهيّ عنه في جميع الأحوال؛ فكيف في هذا الحال!!

واعلم أنّ الصواب والمختار ما كان عليه السّلف رضي الله عنهم من السكوت في حال السّير مع الجنازة، فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك.

قال ابن علّان في «شرح الأذكار» : لأن الصحابة كرهوا ذلك حينئذ. رواه البيهقي، وكره الحسن وغيره «استغفروا لأخيكم» ، ومن ثمّ قال ابن عمر لقائله:

لا غفر الله لك.

لكن رأيت السيد طاهر الأهدل نقل عن جدّه السيد حسين بن عبد الرحمن الأهدل ما لفظه:

<<  <  ج: ص:  >  >>