يكبّر على كلّ شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثمّ يقول: «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، ...
وليس الحكم كذلك عند الجمهور، بل يشرع قول ذلك في كلّ سفر إذا كان سفر طاعة؛ وإن كان المسافر فيه لا ثواب له، فلا يمتنع عليه فعل ما يحصل له الثواب من غيره، وهذا التعليل متعقّب، لأن الذي يخصّه بسفر الطاعة لا يمنع من سافر في مباح أو معصية من الإكثار من ذكر الله تعالى، وإنّما النزاع في خصوص استحباب هذا الذكر بسفر الطاعة، فذهب قوم إلى الاختصاص لكونه عبادة مخصوصة شرع له ذكر مخصوص، فيختصّ به كالذكر المأثور عقب الأذان والصلاة، وإنما اقتصر الصحابيّ على الثلاث!! لانحصار سفره صلى الله عليه وسلّم فيها. انتهى.
(يكبّر على كلّ شرف) - بفتحتين: مكان عال- (من الأرض ثلاث تكبيرات) . هذا غاية ما كان يقول صلى الله عليه وسلّم، فالتقييد بالثلاث لبيان الواقع؛ لا للاختصاص، فإنّ الزيادة على الثلاث زيادة خير.
قال الطيبيّ: وجه التكبير على الأماكن العالية هو ندب الذكر عند تجدّد الأحوال والتقلّبات، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلّم يراعي ذلك في الزمان والمكان. انتهى.
وقال الحافظ العراقي: مناسبة التكبير على المرتفع: أنّ الاستعلاء محبوب للنفس، وفيه ظهور وغلبة، فينبغي للمتلبّس به أن يذكر عنده أنّ الله أكبر من كلّ شيء، ويشكر له ذلك ويستمطر منه المزيد.
(ثمّ يقول: «لا إله إلّا الله) بالرفع على البدلية؛ من الضمير المستتر في الخبر المقدّر، أو من اسم «لا» ؛ باعتبار محلّه قبل دخولها.
(وحده) ؛ نصب على الحال، أي: لا إله منفرد إلّا هو وحده.
(لا شريك له) عقلا ونقلا.
أمّا الأول!! فلأن وجود إلهين محال كما تقرّر في الأصول.
وأمّا الثاني!! فلقوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [١٦٣/ البقرة] ، وذلك يقتضي أن