للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا اشتدت الرّيح.. قال: «اللهمّ؛ اجعلها لقحا لا عقيما» ؛ ...

وفي رواية بدله: «من شرّ ما أرسلت به» ؛ على صيغة المجهول، والمراد: أنها قد تبعث عذابا على قوم، فتعوّذ من ذلك، فتندب المحافظة على قول ذلك عند اشتدادها وعدم الغافلة عنه.

قال النووي في «الأذكار» : روّينا في «سنن أبي داود» وابن ماجه بإسناد حسن؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:

«الرّيح من روح الله تعالى، تأتي بالرّحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبّوها، وسلوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرّها» . قلت: قوله صلى الله عليه وسلّم «من روح الله» هو- بفتح الراء- قال العلماء، أي: من رحمة الله بعباده. انتهى.

فائدة: ذكر شيخ الإسلام زكريا الأنصاريّ وغيره: أنّ الرياح أربع: التي تجيء من تجاه الكعبة: الصّبا، ومن ورائها: الدّبور، ومن جهة يمينها: الجنوب، ومن جهة شمالها: الشمأل. ولكلّ منها طبع، فالصّبا: حارّة رطبة، والدّبور:

باردة رطبة، والجنوب: حارّة رطبة، والشمأل: باردة يابسة، وهي من ريح الجنة التي تهبّ عليهم؛ كما في «مسلم» انتهى. ذكره ابن علان في «شرح الأذكار» .

(و) أخرج البخاريّ في «الأدب المفرد» ، وابن حبان في «صحيحه» ، والحاكم في «المستدرك» ، وابن السنّي كلّهم؛ عن سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه- وهو حديث صحيح؛ كما قال الحافظ ابن حجر- قال:

(كان) النبيّ (صلى الله عليه وسلم إذا اشتدّت الرّيح قال: «اللهمّ [اجعلها] لقحا) - بفتح اللام والقاف-؛ من باب تعب، قال في «السلاح» - بفتح اللام مع فتح القاف وسكونها، وبالحاء المهملة-: الحاملة للسحاب، والعقيم بعكسه انتهى.

أي: اجعلها حاملة للماء كاللّقحة من الإبل؛ (لا عقيما» ) هو تأكيد لما قبله؛ أي: لا تجعلها خالية عن الماء كالعقيم من الحيوان؛ لا ولد له، شبّه الريح التي جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل، كما شبّه ما لا يكون كذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>