الكتاب رحمهم الله تعالى رحمة الأبرار، وأسكنهم أعلى فراديس القرار، ونفعنا بعلومهم، وأعاد علينا من فهومهم بمنه وكرمه. آمين.
(ومن المعلوم) المقرّر (عند النّاس) : اسم وضع للجمع كالقوم والرّهط، وواحده إنسان من غير لفظه، مشتق من: ناس ينوس؛ إذا تدلى وتحرك، فيطلق على الجنّ والإنس. قال تعالى الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)[الناس] ، ثمّ فسّر الناس بالجنّ والنّاس، فقال مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)[الناس] ، وسمّى الجنّ ناسا كما سموا رجالا، قال تعالى وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ [٦/ الجن] وكانت العرب تقول: رأيت ناسا من الجنّ، ويصغر الناس على «نويس» ، لكن غلب استعماله في الإنس؛ قاله في «المصباح» .
(كافّة) ؛ أي: جميعا، قال سيبويه: إنّ «كافّة» يلزم التنكير والنصب على الحالية؛ كعامّة، وقاطبة، وطرّا، ونحوه، وزاد غيره: أنّها لا تثنى ولا تجمع ولا تطلق على غير العقلاء، ولم يرد ذلك في كلام الله تعالى، ولا في كلام العرب!.
ووهّموا من استعملها على خلاف ذلك: كابن نباته في «خطبه» وصاحب «الكشاف» في «كشافه» ، وفي قوله في خطبة «المفصل» : «محيط بكافّة الأبواب» لإخراجه لها عن النصب والتنكير، واستعمالها فيما لا يعقل.
وأما قول الجوهري « «الكافة» الجميع من الناس» !! فلا وهم فيه؛ لأن النكرة إذا أريد لفظها يجوز أن تعرّف فلا وهم فيه، كما توهّم صاحب «درة الغواص» للحريري؛ ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في «شرح الشفا» على قول المتن: «ما روته الكافّة عن الكافة» . وتعقّبه بقوله: هذا وإن اتفقوا عليه لا وجه له رواية ودراية.
أما الأوّل: فلأن العرب إذا استعملت لفظا في معنى وضعته له على وجه مخصوص من الإعراب؛ لم يلزم غيرهم اتّباعهم فيه، ولو قلنا بذلك لأدّى إلى