للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

ما لا يرضاه، فإنّ نعمته إذا زالت عن إنسان قلّما تعود إليه، وقدّم العسر على اليسر!! لأن اليسر يعقبه، كما دلّ عليه قوله تعالى فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) [الانشراح] ، أو اهتماما بشأن التقوى فيه.

قال بعض العارفين: من علامات التحقق بالتقوى: أن يأتي المتقي رزقه من حيث لا يحتسب، وإذا أتاه من حيث يحتسب ما تحقق بالتقوى، ولا اعتمد على الله؛ فإن معنى التقوى أن تتخذ الله وقاية من تأثير الأسباب في قلبك باعتمادك عليها، والإنسان أبصر بنفسه، وهو يعلم من نفسه بمن هو أوثق، وبما تسكن إليه نفسه، ولا تقل: إنّ الله أمرني بالسعي على العيال، وأوجب مؤنتهم، فلا بدّ من الكدّ في السبب الذي جرت العادة أن يرزقه فيه، فإنا ما قلنا لك لا تعمل فيها؛ بل نهيناك عن الاعتماد عليها والسكون عندها، فإن وجدت القلب يسكن إليها؛ فاتّهم إيمانك، وإن وجدت قلبك ساكنا مع الله تعالى، واستوى عندك وجود السبب المعين وفقده؛ فأنت الذي لم تشرك بالله شيئا، فإن أتى رزقك من حيث لا تحتسب! فذلك بشرى أنك من المتقين.

تنبيه: قال ابن عربي: طريق الوصول إلى علم القوم التقوى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ [٩٦/ الأعراف] ؛ أي: أطلعناهم على العلوم المتعلّقة بالعلويات والسفليّات، وأسرار الجبروت وأنوار الملك والملكوت. وقال الله تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [٢- ٣/ الطلاق] .

والرزق: روحانيّ وجسمانيّ، وقال وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [٢٨٢/ البقرة] أي: يعلمكم ما لم تكونوا تعلمونه بالوسائط من العلوم الإلهية انتهى؛ ذكره المناوي على «الجامع» .

وهذا الحديث قال في «الجامع الصغير» أخرجه أبو قرّة الزبيدي- نسبة إلى زبيد المدينة المشهورة باليمن- في «سننه» واسم أبي قرة: موسى بن طارق، عن طليب- بالتصغير- ابن عرفة. قال المناوي: له وفادة، ولم يرو عنه إلا ابنه كليب وهما مجهولان، ذكره الذهبي كابن الأثير. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>