مخالفة أمرهما، والمجاهدة مع النّفس بحبسها في طاعة الله تعالى بما أمر ونهى، ومع أعدائه تعالى بالمصابرة معهم والمرابطة لأجلهم.
وهذا الحديث من تدبّره وقف على سلوك طريق الله وفناء السالك في الله.
قال ابن رسلان: فيه دليل على أنه يجب أن يكون للرجل أعداء يبغضهم في الله؛ كما يكون له أصدقاء يحبّهم في الله: بيانه أنّك إذا أحببت إنسانا لأنه مطيع لله ومحبوب عند الله، فإن عصاه فلا بدّ أن تبغضه؛ لأنه عاص لله وممقوت عند الله، فمن أحبّ لسبب فبالضرورة يبغض لضدّه؛ وهذان وصفان متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، وهو مطّرد في الحب والبغض في العادات، والله أعلم.
انتهى. من «شروح الجامع الصغير» .
والحديث ذكره في «كنوز الحقائق» باللّفظ الذي أورده المصنف معزوا لأبي داود.
وذكره في «الجامع الصّغير» بلفظ: «أفضل الأعمال الحبّ في الله والبغض في الله» . معزوّا لأبي داود؛ من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وهو الموافق لما في «سنن أبي داود» ، لكن في سنده راو لم يسمّ.
٩٩- ( «حبّك الشّيء) - بلام ودونها روايتان- (يعمي) عن عيوب المحبوب، (ويصمّ» ) عن سماعها، فلا تبصر قبيح فعله، ولا تسمع فيه نهي ناصح، بل ترى قبيحه حسنا وتسمع منه الجفا قولا جميلا، وهذا شامل لمحبّة النّفس، فإذا أحبّ الشخص نفسه وفعلها؛ رضي بكل أفعال نفسه، وأثنى على نفسه، فلا يرى لنفسه فعلا سيّئا، وهذا من سوء الحال. انظر قول سيّدنا يوسف عليه الصلاة والسلام: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [٥٣/ يوسف] فما بالك بغيره!! فالحبّ لذّة تعمي عن رؤية غير المحبوب، وتصمّه عن سماع العذل فيه، والمحبة إذا استولت على القلب سلبته عن صفاته، ولذا قال بعض الشّعراء: