للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنّ الصّدق.. طمأنينة، وإنّ الكذب.. ريبة» .

اتّقى الشّبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه» .

قال القاضي: هذا الحديث من دلائل النّبوّة، ومعجزات المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإنّه أخبر عمّا في ضمير وابصة قبل أن يتكلم به!.

والمعنى: أنّ من أشكل عليه شيء والتبس؛ ولم يتبيّن أنّه من أيّ القبيلين هو فليتأمل فيه؛ إن كان من أهل الاجتهاد، ويسأل المجتهدين؛ إن كان من المقلدين، فإن وجد ما يسكن إليه نفسه، ويطمئنّ به قلبه، وينشرح صدره، فليأخذ به، وإلّا! فليدعه، وليأخذ بما لا شبهة فيه ولا ريبة؛ (فإنّ الصّدق طمأنينة) ؛ أي: يطمئنّ إليه القلب ويسكن. وفيه إضمار، أي: محلّ طمأنينة أو سبب طمأنينة.

(وإنّ الكذب ريبة» ) ؛ أي: يقلق القلب ويضطرب.

وقال الطّيبيّ: جاء هذا القول ممهّدا لما تقدّمه من الكلام. ومعناه: إذا وجدت نفسك ترتاب في الشّيء فاتركه، فإنّ نفس المؤمن تطمئنّ إلى الصّدق، وترتاب من الكذب، فارتيابك من الشّيء منبئ عن كونه مظنّة للباطل فاحذره، وطمأنينتك للشّيء مشعر بحقيقته؛ فتمسك به.

والصّدق والكذب يستعملان في الأقوال والأفعال، وما يحقّ أو يبطل من الاعتقاد. وهذا مخصوص بذوي النّفوس الشّريفة، القدسيّة المطهّرة عن دنس الذّنوب؛ ووسخ العيوب. انتهى.

والحاصل: أنّ الصّدق إذا مازج قلب الكامل؛ امتزج نوره بنور الإيمان، فاطمأنّ وانطفأ سراج الكذب، فإنّ الكذب ظلمة، والظّلمة لا تمازج النّور. انتهى مناوي على «الجامع الصغير» .

والحديث أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود الطّيالسيّ، وأبو يعلى في «مسانيدهم» ، والتّرمذيّ، وابن ماجه، والحاكم، وآخرون؛ عن الحسن بن

<<  <  ج: ص:  >  >>