للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٠- «الدّنيا.. عرض حاضر، يأكل منها البرّ والفاجر، والآخرة.. وعد صادق، ...

الأمّارة إليه، فتكدّر صفو العيش عليه، وحال بينه وبين محبوب طبعه، وهذا من أعظم السّجون وأضيقها، فإنّ من حيل بينه وبين محبوبه ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وضاقت عليه نفسه.

تتمة: ذكروا أنّ الحافظ شهاب الدّين؛ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله، لما كان قاضي القضاة مرّ يوما بالسّوق، في موكب عظيم، وهيئة جميلة؛ فهجم عليه يهوديّ يبيع الزيت الحارّ، وأثوابه ملطّخة بالزّيت، وهو في غاية الرّثاثة والشّاعة، فقبض على لجام بغلته؛ وقال: يا شيخ الإسلام؛ تزعم أنّ نبيّكم قال: «الدّنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر» فأي: سجن أنت فيه؟!! وأي:

جنّة أنا فيها؟!! فقال: أنا بالنّسبة لما أعدّ الله لي في الآخرة من النّعيم؛ كأنّي الآن في السّجن، وأنت بالنسبة لما أعدّ لك في الآخرة من العذاب الأليم؛ كأنّك في جنّة. فأسلم اليهوديّ. انتهى مناوي على «الجامع الصغير» .

وقيل: إنّ صاحب القصّة هو أبو سهل الصّعلوكيّ الفقيه الخراساني، وكان ممّن جمع رياسة الدّين والدّنيا، وقيل: إنّه الإمام الشّافعي؛ ولا مانع من تعدّد الواقعة.

والحديث ذكره في «الجامع الصغير» مرموزا له برمز الإمام أحمد؛ ومسلم في «الرّقائق» ، والتّرمذيّ؛ وابن ماجه في «الزهد» ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، والطّبراني في «الكبير» ، والحاكم في «المستدرك» ؛ عن سلمان، والبزّار؛ عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

١٢٠- ( «الدّنيا عرض حاضر) ؛ أي: متاع عاجل (يأكل منها البرّ والفاجر) : الطائع والعاصي.

(والآخرة وعد) من الله (صادق) ؛ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩) [آل عمران] .

<<  <  ج: ص:  >  >>