والبرّ لا يبلى، والدّيّان لا يموت.. فكن كما شئت» .
إذا لم يغبّر حائط في وقوعه ... فليس له بعد الوقوع غبار
قال ابن القيّم: وسبحان الله؛ ما أهلكت هذه البليّة من الخلق، وكم أزالت من نعمة، وكم جلبت من نقمة!! وما أكثر المغترّين بها من العلماء فضلا عن الجهّال، ولم يعلم المغترّ أنّ الذّنب ينقض؛ ولو بعد حين، كما ينقض السّمّ والجرح المندمل على دغل.
(والبرّ) - بالكسر-: الخير والفضل (لا يبلى) أي: لا ينقطع ثوابه ولا يضيع، بل هو باق عند الله تعالى. وقيل: أراد الإحسان؛ وفعل الخير لا يبلى ثناؤه، وذكره في الدّنيا والآخرة، فهو بمنزلة الثّوب الجديد الذي لا يفنى ولا يتغيّر. (والدّيّان لا يموت) ، بل هو سبحانه حيّ باق، عالم بأحوال عباده فيجازيهم عليها.
وإذا علمت هذا (فكن كما شئت» ) من أحوال وأفعال، خير؛ أو شرّ، فإنّ الدّيّان يجازيك عليها، ففيه وعيد شديد وتهديد، وفيه جواز إطلاق الدّيّان على الله لو صحّ الخبر.
وفي رواية عبد الرزاق وغيره:«اعمل ما شئت، كما تدين تدان» ، أي: كما تجازي تجازى. يقال: دنته بما صنع؛ أي: جزيته. ذكره الدّيلميّ.
ومن مواعظ الحكماء: عباد الله؛ الحذر الحذر، فو الله لقد ستر، حتى كأنّه غفر، ولقد أمهل حتى كأنّه أهمل. انتهى «زرقاني» .
والحديث ذكره في «المواهب» ؛ وقال رواه الدّيلميّ في «مسند الفردوس» ، وأبو نعيم عن عمر بن الخطاب، وفيه محمد بن عبد الملك الأنصاري ضعيف.
وقد رواه عبد الرزّاق في «جامعه» ، والبيهقيّ في «الزّهد» ؛ وفي «الأسماء والصفات» ، له عن أبي قلابة رفعه مرسلا:«البرّ لا يبلى ... الخ» . ووصله أحمد في «الزّهد» ؛ فرواه عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء من قوله لكنّه منقطع مع وقفه.