المجالس تحسن، أو حسن المجالس وشرفها بأمانة حاضريها لما يحصل في المجالس، ويقع في الأقوال والأفعال. فكأنّه صلى الله عليه وسلم يقول: ليكن صاحب المجلس أمينا لما يسمعه؛ أو يراه، فيحفظه أن ينتقل إلى من غاب عنه؛ انتقالا يحصل به مفسدة.
وفائدة الحديث: النّهي عن النّميمة الّتي ربما تؤدّي إلى القطيعة، انتهى «عزيزي» .
وقال العسكري: أراد صلى الله عليه وسلم أنّ الرّجل يجلس إلى القوم فيخوضون في الحديث، ولعلّ فيه ما إن نمي كان فيه ما يكرهون؛ فيأمنونه على أسرارهم!! فيريد: أنّ الأحاديث الّتي تجري بينهم كالأمانة، الّتي لا يجب أن يطلع عليها، فمن أظهرها فهو قتّات، وفي التّنزيل هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١)[القلم] . وقال صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل الجنّة قتّات- أي: نمّام-» وروي مرفوعا، ألا إنّ من الخيانة أن يحدّث الرّجل أخاه بالحديث فيفشيه. انتهى.
ولعبد الرزاق مرفوعا:«إنّما يتجالس المتجالسون بأمانة الله، فلا يحلّ لأحد أن يفشي عن صاحبه ما يكره» . وقال ابن الأثير: هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس؛ من قول أو فعل، فكأنّ ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه، والأمانة تقع على الطّاعة والعبادة والوديعة والثّقة والأمان، وقد جاء في كلّ منها حديث انتهى «شروح الجامع» ، ومن الزرقاني.
والحديث رواه ابن ماجه عن جابر رضي الله تعالى عنه مرفوعا.
ورواه الديلمي والعسكري والقضاعي والعقيلي والخطيب؛ كلهم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رفعه.
ورواه أبو داود والعسكري؛ عن جابر بن عبد الله مرفوعا بزيادة:«إلّا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حقّ» انتهى.