للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

به، ولذا احتاج المشير والنّاصح إلى كونه أمينا مجرّبا، حازما ناصحا، ثابت الجأش، غير معجب بنفسه، ولا متلوّن في رأيه، ولا كاذب في مقاله، فارغ البال وقت الاستشارة.

ولذا قيل: إنهما يحتاجان إلى علم كبير كثير، فيحتاج أولا إلى علم الشّريعة، وهو العلم المتضمّن لأحوال النّاس، وعلم الزّمان والمكان، وعلم التّرجيح إذا تقابلت هذه الأمور، فقد يكون ما يصلح الزّمان يفسد الحال أو المكان، وهكذا فينظر إلى التّرجيح، فيفعل بحسب الأرجح عنده.

مثاله: أن يضيق الزّمن عن فعل أمرين اقتضاهما الحال، فيشير بأهمهما.

وإذا عرف من حال إنسان بالمخالفة؛ وأنه إذا أرشده لشيء فعل ضدّه! أشار عليه بما لا ينبغي؛ ليفعل ما ينبغي، وهذا يسمّى علم السّياسة، فإنه يسوس بذلك النّفوس الجموحة الشّاردة عن طريق مصالحها، فلذا يحتاج المشير والنّاصح إلى علم وعقل وفكر صحيح، ورويّة حسنة واعتدال مزاج، وتؤدة وتأنّ. فإن لم يجمع هذه الخصال!؟ فخطؤه أسرع من إصابته؛ فلا يشير ولا ينصح. قالوا: وما في مكارم الأخلاق أدقّ، ولا أخفى، ولا أعظم من النّصيحة. انتهى «زرقاني» ، ومناوي على «الجامع» .

والحديث أخرجه الإمام أحمد؛ من حديث ابن مسعود بزيادة: «وهو بالخيار إن شاء تكلّم وإن شاء سكت، فإن تكلّم فليجتهد رأيه» .

وأخرجه أصحاب «السنن الأربعة» ؛ عن أبي هريرة، والتّرمذيّ؛ عن أمّ سلمة، والطّبراني في «الأوسط» و «الكبير» ؛ عن سمرة بزيادة: «إن شاء أشار، وإن شاء لم يشر» .

والقضاعي عن سمرة بلفظ: «المستشار مؤتمن، فإن شاء أشار وإن شاء سكت، فإن أشار فليشر بما لو نزل به لفعله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>