للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٩- «مع كلّ فرحة.. ترحة» .

وأكرهها على الطّاعة، وحمّلها تجنّب المنهيّ، لأن النّفس أشدّ عداوة من الكافر؛ لقربها وملازمتها وحرصها على منع الخير.

فالمجاهد الحقيقيّ من جاهد نفسه، واتبع سنّة نبيّه، واقتفى طريقه؛ في أقواله وأفعاله على اختلاف أحواله بحيث لا يكون له حركة ولا سكون إلّا على السّنّة، وهذه الهجرة العليا لثبوت فضلها على الدوام.

قال العلقمي: الهجرة ضربان: ظاهرة، وباطنة.

فالباطنة: ترك ما تدعو إليه النّفس الأمّارة بالسّوء والشّيطان.

والظّاهرة: الفرار بالدّين من الفتن.

وكأنّ المهاجرين خوطبوا بذلك لئلا يتّكلوا على مجرّد التحوّل من دارهم حتّى يمتثلوا أوامر الشّرع ونواهيه.

ويحتمل أن يكون ذلك قيل بعد انقطاع الهجرة لمّا فتحت مكّة؛ تطييبا لقلوب من لم يدرك ذلك؛ بأنّ حقيقة الهجرة تحصل لمن هجر ما حرّم الله!! فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من معاني الحكم والأحكام. انتهى شروح «الجامع الصغير» .

والحديث ذكره في «الجامع» مرموزا له برمز البخاري في «كتاب الإيمان» لكن بلفظ: «ما نهى الله عنه» ، وأبو داود في «الجهاد» ، والنّسائي في «الإيمان» ، وهذا لفظه؛ كلهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه، ولم يخرّجه مسلم؛ قاله المناوي على «الجامع» .

٢٠٩- ( «مع كلّ فرحة ترحة» ) في «النهاية» الترح ضد الفرح. انتهى؛ أي: مع كلّ سرور حزن؛ أي: يعقبه. حتّى كأنّه معه؛ أي: جرت عادة الله بذلك؛ لئلا تسكن نفوس العقلاء إلى نعيمها، ولا تعكف قلوب المؤمنين على فرحاتها؛ فيمقتها الله سبحانه عند هجوم ترحاتها، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) [القصص] قال بعضهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>