٢٣٤- ( «من سرّته حسنته) ؛ أي: فرح بها لكونه راجيا ثوابها موقنا بنفعها، (وساءته سيّئته) ؛ أي: حصل له همّ وغمّ بارتكابها؛ (فهو مؤمن» ) كامل الإيمان، لأنّ هذا شأن من أيقن أنّ الله تعالى لا يخفى عليه شيء، وأنّه يجازيه بعمله، وأمّا من لا يرى للحسنة فائدة ولا للمعصية آفة؛ فذلك يكون من استحكام الغافلة على قلبه، فإيمانه ناقص، ولهذا قال ابن مسعود- فيما خرّجه الحكيم التّرمذي-:
بأنّ المؤمن إذا أذنب فكأنّه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه فتقتله، والمنافق يرى ذنبه كذباب مرّ على أنفه.
فعلامة المؤمن أن توجعه المعصية حتّى يسهر ليله فيما حلّ بقلبه من وجع الذّنب، ويقع في العويل كالّذي فارق محبوبه من الخلق بموت أو غيره، فيتفجّع لفراقه فيقع في النّحيب.
نعم السّرور بالحسنة مقيّد في أخبار أخر؛ بأنّ شرطه ألاينتهي إلى العجب بها، فيسرّ بما يرى من طاعته فيطمئنّ بأفعاله؛ غافلا عن منّة الله فيها، فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضّعيفة الأمّارة اللّوّامة، فيهلك. ولهذا قال بعض العارفين: ذنب يوصل العبد إلى الله تعالى خير من عبادة تصرفه عنه، وخطيئة تفقره إلى الله خير من طاعة تغنيه عن الله تعالى.
معصية أورثت افتقارا ... خير من الطّاعة واستكبارا
والحديث ذكره المناوي في «كنوز الحقائق» ، والسيّوطي في «الجامع الصغير» مرموزا له برمز الطّبراني في «الكبير» ؛ عن أبي موسى الأشعري بإسناد ضعيف.
ورواه الطّبراني عن أبي أمامة باللّفظ المذكور، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وأخرجه النّسائي في «الكبرى» باللفظ المزبور؛ عن عمر، فساق