للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧٧- «لا تصحب.. إلّا مؤمنا، ولا يأكل طعامك.. إلّا تقيّ» .

فيها أعمالا صالحة. ذكره في «كنوز الحقائق» مرموزا له برمز الدّيلمي في «الفردوس» ؛ أي: عن ابن مسعود رضي الله عنه.

٢٧٧- ( «لا تصحب إلّا مؤمنا) وكامل الإيمان أولى، لأنّ الطّباع سرّاقة؛ ومن ثمّ قيل: صحبة الأخيار تورث الخير، وصحبة الأشرار تورث الشرّ؛ كالرّيح إذا مرّت على نتن حملت نتنا، وإذا مرّت على الطّيب حملت طيبا.

وقال الشّافعيّ: ليس أحد إلّا له محبّ ومبغض؛ فإذن لا بدّ من ذلك فليكن المرجع إلى أهل طاعة الله. ولذلك قيل:

ولا يصحب الإنسان إلّا نظيره ... وإن لم يكونوا من قبيل ولا بلد

وصحبة من لا يخاف الله لا تؤمن غائلتها لتغيّره بتغيّر الأعراض، قال تعالى وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨) [الكهف] ، والطّبع يسرق من الطّبع من حيث لا يدري.

ومعهم قد تفسد الأخلاق ... والطّبع من عادته سرّاق

(ولا يأكل طعامك إلّا تقيّ» ) لأنّ المطاعمة توجب الألفة، وتؤدّي إلى الخلطة، بل هي أوثق عرى المداخلة، ومخالطة غير التقي تخلّ بالدّين؛ وتوقع في الشّبه والمحظورات، فكأنّه ينهى عن مخالطة الفجّار، إذ لا يخلو عن فساد، إما بمتابعة في فعل، أو مساومة في إغضاء عن منكر، فإن سلم من ذلك ولا يكاد!! فلا تخطئه فتنة الغير به، وليس المراد حرمان غير التّقي من الإحسان، لأنّ المصطفى صلى الله عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة للمئين، بل يطعمه ولا يخالطه.

والحاصل: أنّ مقصود الحديث- كما أشار إليه الطّيبي- النّهي عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه المتّقي، فالمعنى: لا تصاحب إلّا مطيعا، ولا تخالل إلّا تقيّا. انتهى مناوي على «الجامع» .

والحديث أخرجه الإمام أحمد والتّرمذي وأبو داود وابن حبّان والحاكم؛ عن أبي سعيد الخدري، وأسانيده صحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>