وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا اشتكى.. رقاه جبريل؛ قال:
باسم الله يبريك، من كلّ داء يشفيك، ومن شرّ حاسد إذا حسد، وشرّ كلّ ذي عين.
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)[الإخلاص] ، فهو من باب التغليب. والله أعلم.
(و) أخرج مسلم في «صحيحه» ؛ عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- أنّها قالت:(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى) - أي: مرض- (رقاه جبريل، قال:
باسم الله) - أي: ببركة اسمه- (يبريك) ، أو أنّ لفظ «باسم» مقحم. أي: الله يبريك. من قبيل سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)[الأعلى] ، ولفظ «اسم» : عبارة عن الكلمة الدّالّة على المسمّى، والمسمّى هو مدلولها، لكنّه قد يتوسّع فيوضع الاسم موضع المسمّى مسامحة. ذكره القرطبي. انتهى «مناوي» وغيره.
(من كلّ داء) جارّ ومجرور متعلّق بقوله (يشفيك.
ومن شرّ حاسد) أي: متمنّ زوال النّعمة، (إذا حسد) .
وخصّه بعد التّعميم! لخفاء شرّه.
(وشرّ كلّ ذي عين) ؛ من عطف الخاصّ على العامّ، لأن كلّ عائن حاسد، ولا عكس. فلمّا كان الحاسد أعمّ؛ كان تقديم الاستعاذة منه أهمّ. وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعيون؛ تصيبه تارة وتخطئه أخرى، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثّرت فيه ولا بدّ، وإن صادفته حذرا شاكي السّلاح؛ لا منفذ فيه للسّهام خابت، فهي بمنزلة الرّمي الحسّيّ، لكن هذا من النّفوس والأرواح، وذلك من الأجسام والأشباح.
ولهذا قال ابن القيّم: استعاذ من الحاسد! لأنّ روحه مؤذية للمحسود؛ مؤثّرة فيه أثرا بيّنا لا ينكره إلّا من هو خارج عن حقيقة الإنسانيّة. وهو أصل الإصابة بالعين؛ فإنّ النّفس الخبيثة الحاسدة تتكيّف بكيفيّة خبيثة، تقابل المحسود؛ فتؤثّر فيه بتلك الخاصّيّة.
والتّأثير كما يكون بالاتّصال قد يكون بالمقابلة؛ وبالرّؤية، وبتوجّه الرّوح؛