وبه علم أنّه لا تدافع بين الحديث وآية «إنّ في الخمر منافع»«١» . انتهى زرقاني على «المواهب» .
ويحرم التّداوي بالخمر- أي: شربها لأجل التّداوي بها- وكذا يحرم شربها للعطشان، وأمّا إذا غصّ بلقمة؛ ولم يجد ما يسيغها إلّا خمرا؟؟ فيلزمه الإساغة بها، لأنّ حصول الشّفاء بها حينئذ محقّق، بخلاف التّداوي.
أمّا التّداوي بالخمر على ظاهر الجسم؛ بقصد المداواة عند الحاجة!! فذلك جائز. قال «النّوويّ» في «فتاويه» : مسألة: إنسان به مرض؛ وصف له من يجوز اعتماده من الأطبّاء المسلمين أن يتضمّد بالتّرياق الفاروق، ويبقى عليه أيّاما، وقال: لا تحصل المداواة إلّا بذلك، وهذا التّرياق فيه خمر ولحم الحيّات!! هل يجوز له ذلك؟ ويصلّي على حسب حاله؟؟
الجواب: يجوز، وتلزمه إعادة الصّلاة. انتهى.
وعلم من ذلك أنّ خطر التّداوي بالمحرّمات؛ إنّما هو في الحالات العاديّة لدى وجود وتيسّر الدّواء المباح النّاجع، أمّا عند الاضطرار! فالحكم كما قال الله عزّ وجلّ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [١١٩/ الأنعام] .
ويكون استعمال ذلك المحرّم- في حال الاضطرار- مع وجود ضرر فيه، لدفع ضرر أشدّ- عملا بقاعدة: تعارض المفسدتين فيرتكب أخفّها ضررا.
هذا؛ وفي عصرنا الحاضر يسعى الأطبّاء دوما لدى علاجهم المريض إلى اختيار العلاج الملائم للعلّة، وحالة أجهزة الجسم المعلول، ويختارون من الأدوية المفيدة- في تلك العلّة- أكثرها فائدة وأقلّها أعراضا جانبيّة وضررا، وإذا كان الدّواء مفيدا وخاليا من الأعراض الجانبيّة؛ فإنه يحوز رضى الأطبّاء أكثر، ويقع اختيارهم عليه أوّلا لدى توفّره.
(١) هكذا في الأصل وهي بالمعنى؛ والتلاوة قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ.