ولا بالمكلثم، وكان في وجهه تدوير، أبيض مشرّب، أدعج العينين، ...
(ولا بالمكلثم) الرواية فيه بلفظ اسم المفعول فقط. ومعناه: مدوّر الوجه؛ كما سيأتي في كلام المصنف. والمراد أنّه أسيل الوجه مسنون الخدين، ولم يكن مستديرا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة، وهو أحلى عند كلّ ذي ذوق سليم وطبع قويم.
ونقل الذهبيّ؛ عن الحكيم أنّ استدارة الوجه المفرطة دالّة على الجهل.
(وكان في وجهه تدوير) أي: شيء قليل منه، وليس كلّ تدوير حسنا كما علمت، وهذه الجملة كالمبيّنة لقوله «ولا بالمكلثم» .
(أبيض) - بالرفع- خبر مبتدأ محذوف، أي: هو أبيض (مشرّب) بحمرة؛ كما في رواية ومشرب- بالتخفيف- من الإشراب؛ وهو: خلط لون بلون كأنه سقي به، أو [مشرّب] بالتشديد من التشريب؛ وهو مبالغة في الإشراب. وهذا لا ينافي ما في بعض الروايات:«وليس بالأبيض» ، لأن البياض المثبت ما خالطه حمرة، والمنفيّ ما لا يخالطه؛ وهو الذي تكرهه العرب؛ وتسمّيه «أمهق» .
تنبيه: صرّح العلماء رحمهم الله تعالى بكفر من قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم أسود، لأن وصفه بغير صفته في قوّة نفيه فيكون تكذيبا به، ومنه يؤخذ أنّ كلّ صفة علم ثبوتها بالتواتر كان نفيها كفرا، للعلّة المذكورة. وقول بعضهم «لا بد في الكفر في أن يصفه بصفة تشعر بنقصه، كالسواد هنا» لأنه لون مفضول!! فيه نظر، لأن العلّة ليست هي النقص، بل ما ذكر فالوجه أنّه لا فرق. انتهى «باجوري» .
(أدعج) - بمهملتين فجيم- (العينين) ؛ أي: شديد سواد حدقة العين مع سعتها. كما سيأتي في كلام المصنف، فلا يشكل بأنه أشكل. لأنّ الشّكلة في البياض؛ لا في السواد. كما يأتي. وقيل: الأدعج شديد بياض البياض وسواد السواد.