للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (ذات الجنب) : ورم حارّ يحدث في الغشاء المستبطن للأضلاع، وألم يشبهه يعرض في نواحي الجنب.

فإنّه نافع له، محلّل لمادّته، مقوّ للأعضاء الباطنة؛ يفتح للسّدد، وغير ذلك.

قال بعض العلماء: على المريض والطّبيب أن يعمل على أنّ الله أنزل الدّاء والدّواء، وأنّ المرض ليس بالتخليط؛ وإن كان معه، وأنّ الشّفاء ليس بالدّواء؛ وإن كان عنده، وإنّما المرض بتأديب الله، والبرء برحمته، حتى لا يكون كافرا بالله؛ مؤمنا بالدّواء، كالمنجّم إذا قال: «مطرنا بنوء كذا» ، ومن شهد الحكمة في الأشياء، ولم يشهد مجريها، صار بما علم منها أجهل من جاهلها؛ قاله الزّرقاني.

(وذات الجنب: ورم حارّ يحدث في الغشاء المستبطن) ؛ أيّ: الدّاخل (للأضلاع) ؛ أي: فيها بحيث جعل كالبطانة، وهذا هو ذات الجنب الحقيقيّ الّذي تكلّم عليه الأطبّاء.

ويحدث بسببه خمسة أمراض: الحمّى؛ والسّعال؛ والنّخس؛ وضيق النّفس؛ والنّبض المنشاري، أي: أنّ العروق تحرّك تحركا شديدا لأعلى ولأسفل، حركة تشبه حركة المنشار؛ وهو من الأمراض المخوفة. وهو من سيّء الأسقام، ولذا قال صلى الله عليه وسلم- لمّا لدّوه في مرضه؛ ظنّا منهم أنّ به ذات الجنب-:

«ما كان الله ليسلّطها عليّ» . أي: ما كان الله مريدا لأن يسلّطها عليّ رحمة بي، ورأفة عليّ.

(و) قد تطلق «ذات الجنب» على ما ذكره بقوله: (ألم يشبهه) ؛ أي: يشبه الورم الحارّ، الّذي هو ذات الجنب الحقيقيّ (يعرض) ذلك الألم (في نواحي الجنب) من رياح غليظة؛ مؤذية، تحتقن بين الصّفاقات «١» والعضل «٢» الّتي في


(١) الصفاقات- بكسر الصاد وتخفيف الفاء-: الجلد الأسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر. انتهى «زرقاني» . (هامش الأصل) .
(٢) العضل؛ جمع عضلة- بفتح المهملة والمعجمة-: كل عصبة معها لحم غليظ. انتهى «زرقاني» . (هامش الأصل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>