وذلك بإتمام مباحثه، وتوسيع دائرته، وإضافة فوائد، وتقييد شوارد..
فجاء بهذا الحجم الّذي بين يديك- أربعة أسفار كبار بينما متنه يقع في ٢٠٨ صفحة من القطع الوسط.
فهو بحقّ لم تكتحل عين زماننا بمثله، إذ خلا من الحشو الزائد، وجمع ما تطمح إليه نفوس مبتغي الفوائد، مع دقة تعبير، وسلامة أسلوب وجودة تحقيق، بأسلوب لا يقدر عليه في زماننا غيره، وهو أسلوب سبك عبارة المؤلف مع الشرح في قالب واحد، وكأنّها كتبت بقلم واحد، ولسان واحد، إذ كيف تجتمع موارد أفهامهما في أربعة أسفار ضخام إلّا لمثل هذا الشيخ الأجل، الّذي كان العلم قد مزج بلحمه ودمه، فكان منه ذلك الإبداع.
ولا غرابة في ذلك، فمع ما كان عليه شيخنا من إمامة في العلم في سائر فنونه المعقولة والمنقولة.. إلّا أنّه مع ذلك ظلّ في تأليفه وتنقيحه نحوا من خمس وعشرين سنة تقريبا، حيث ابتدأ تأليفه في الخامس والعشرين من شهر صفر لسنة ١٣٧٦ هـ وفرغ من تنقيحه وتبييضه في الخامس عشر من شهر محرم ١٤٠٠ هـ.
ولا عجب في أن يظل في تأليفه هذه الفترة كلّها؛ فإنّ الموضوع يتناول الجناب النّبويّ، الّذي يتعيّن أن تكون الكتابة فيه لائقة بعظمته، ومعتمدة على نصوص الكتاب المنزل عليه، ونصوص سنّته، وعبارات علماء أمته، ومستوحاة من كمال محبته وعظيم منزلته..
وإنّك إن أنعمت نظرك في عبارات هذا الكتاب، ستجد أنّ المؤلّف رحمه الله تعالى قد كتبه من ضوء ذلك، وأتى بما لا مزيد عليه لراغب وسالك، لذلك كان حريصا عليه ضنينا به، لأنّه مهجة روحه، وأعظم نسليه..
ولقد كلّفني في آخر سني حياته بتصويره، وكان ذلك في شهر ذي الحجّة