للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل تستطيع أن تنعت هذا الرّجل الّذي رأيته في النّوم؟

قال: نعم، أنعت لك رجلا بين الرّجلين؛ جسمه ولحمه أسمر إلى البياض، أكحل العينين، حسن الضّحك، جميل دوائر الوجه، قد ملأت لحيته ما بين هذه إلى هذه؛ ...

رأى حقيقتي كما هي، فلم يتّخذ الشّرط والجزاء، أو هو في معنى الإخبار؛ أي:

من رآني فأخبره بأنّ رؤياه حقّ، لا أضغاث أحلام وتخيّل شيطان.

(هل تستطيع أن تنعت هذا الرّجل الّذي رأيته في النّوم) ؛ أي: تصفه بما فيه من حسن، فالنّعت وصف الشّيء بما فيه من حسن، ولا يقال في القبيح إلّا بتجوّز، والوصف يقال في الحسن والقبيح؛ كما في «النهاية» .

(قال) أي: الرائي؛ وهو يزيد الفارسي (: نعم؛ أنعت لك رجلا) بالنّصب على أنّه مفعول «أنعت» - (بين الرّجلين) ؛ في القصر والطّول، لا بائن ولا قصير، كما سبق، وقوله «بين رجلين» خبر مقدّم، وقوله (جسمه ولحمه) مبتدأ مؤخّر، أو هو فاعل بالظرف، والجملة صفة ل «رجلا» ، يريد أنّه متوسط في القصر والطّول والسّمن ومقابله.

(أسمر) ؛ أي: أحمر مائل (إلى البياض) ؛ لأنّه كان أبيض مشربا بحمرة كما تقدّم-، فالسّمرة تطلق على الحمرة، وقوله «أسمر» بالرفع: على أنّه خبر مبتدأ مقدّر، وبالنّصب: على أنّه نعت ل «رجلا» ، أو خبر ل «كان» مقدّرة؛ ومثله قوله:

(أكحل) ؛ من الكحل وهو سواد (العينين) خلقة، (حسن الضّحك) ؛ لأنّه كان يتبسّم في غالب أحواله، (جميل دوائر الوجه) ؛ أي: حسن أطراف الوجه، فالمراد بالدّوائر: الأطراف، فلذلك صحّ الجمع، وإلّا! فالوجه له دائرة واحدة؛ (قد ملأت لحيته ما بين هذه) الأذن (إلى هذه) الأذن الآخرى، وكان الأظهر في التعبير أن يقول «ما بين هذه وهذه» لأنّ «ما بين» لا تضاف إلّا إلى متعدّد. أو

<<  <  ج: ص:  >  >>