للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجيب: بأنّ النّبيّ بشر، فلو تمثّل به لا لتبس الأمر، والباري جلّ وعلا منزّه عن الجسميّة والعرضيّة؛ فلا يلتبس الأمر بتمثّله به؛ كما في «درّة الفنون في رؤية قرّة العيون» .

ولا تختصّ رؤية النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالصّالحين، بل تكون لهم ولغيرهم.

وخاطبهم بأنّه الحقّ؛ طلبا لإضلالهم، وقد أضلّ جماعة بمثل هذا حتّى ظنّوا أنّهم رأوا الحقّ وسمعوا خطابه؟!.

(أجيب) عن ذلك (ب) أمرين:

أحدهما: ب (أنّ النّبيّ) صلى الله عليه وسلم (بشر) له صورة معيّنة معلومة مشهودة، (فلو تمثّل به لالتبس الأمر) على النّاس فضلوا بما يلقيه لهم، لظنّهم أنّه الرّسول، فعصم الله صورته من أن يتصوّر بها شيطان. (والباري جلّ وعلا) كلّ عاقل يعلم أنّه ليست له صورة معيّنة توجب الاشتباه؛ وهو (منزّه عن) صفات المخلوقين؛ ك (الجسميّة والعرضيّة) واختلاف الحالات، (فلا يلتبس الأمر بتمثّله به) .

ثانيهما: أنّ من مقتضى حكمة الحقّ أنّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء، بخلاف النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فإنّه متّصف بالهداية؛ ظاهر بصورتها، ورسالته إنّما هي لذلك؛ لا للإضلال، فلا يكون منه إضلال لأحد البتّة، فوجب عصمة صورته من أن يظهر بها شيطان لبقاء الاعتماد وظهور حكم الهداية فيمن شاء الله تعالى هدايته به، عليه الصّلاة والسلام، ولولا ذلك لم يظهر سر قوله تعالى وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) [الشورى] ولم تحصل فائدة البعثة؛ (كما في) كتاب ( «درّة الفنون في رؤية قرّة العيون» :) كتاب مختصر في الرّؤية؛ على ستّة فصول، وهو للشّيخ العلّامة المؤرّخ الصّوفي: عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن محمد البسطامي؛ زين الدين الأنطاكي الحنفي. ولد بإنطاكية، وتعلم في القاهرة، وسكن بروسة، وتوفي بها سنة: ثمان وخمسين وثمانمائة. رحمه الله تعالى.

(ولا تختصّ رؤية النّبيّ صلى الله عليه وسلم) في المنام (بالصّالحين؛ بل تكون لهم ولغيرهم)

<<  <  ج: ص:  >  >>