طاهر البغدادي: المتكلّمون المحقّقون من أصحابنا على أنّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم حيّ بعد وفاته، وأنّه يسرّ بطاعة أمّته، ويحزن بمعاصي العصاة منهم؛ وأنّه تبلغه صلاة من يصلّي عليه من أمّته، وقال: الأنبياء لا يبلون، ولا تأكل الأرض منهم شيئا؛ وقد مات موسى في زمانه، وأخبر نبيّنا صلى الله عليه وسلم أنّه رآه في السّماء الرّابعة، ورأى آدم وإبراهيم!! وإذا صحّ لنا هذا الأصل؛ قلنا: نبينا قد صار حيّا بعد وفاته، وهو على نبوّته. انتهى.
وقال القرطبيّ في «التّذكرة» في حديث الصّعقة؛ نقلا عن شيخه:«الموت ليس بعدم محض، وإنّما هو انتقال من حال إلى حال» .
ويدلّ على ذلك أنّ الشّهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء يرزقون، فرحين مستبشرين، وهذه صفة الأحياء في الدّنيا، وإذا كان هذا في الشّهداء؛ فالأنبياء أحقّ بذلك وأولى!!.
وقد صحّ أنّ الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنّه صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس؛ وفي السماء، ورأى موسى قائما يصلّي في قبره!.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أنّه يردّ السّلام على كلّ من يسلم عليه ... إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأنّ موت الأنبياء إنّما هو راجع إلى أنهم غيّبوا عنّا بحيث لا ندركهم؛ وإن كانوا موجودين أحياء، وكذلك الحياة في الملائكة، فإنّهم موجودون أحياء، ولا يراهم أحد إلّا من خصّه الله تعالى بكرامة. انتهى.
وأخرج أبو يعلى في «مسنده» ، والبيهقي في كتاب «حياة الأنبياء» ؛ عن أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون» .
وأخرج البيهقي؛ عن أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إنّ الأنبياء لا يتركون بعد أربعين ليلة، ولكنّهم يصلّون بين يدي الله تعالى حتّى ينفخ في الصّور» .
وروى سفيان الثّوري في «الجامع» قال: قال شيخ لنا: عن سعيد بن المسيب قال: ما مكث نبيّ في قبره أكثر من أربعين ليلة حتّى يرفع.