للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة: ٢٨٥] .

رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ...

* وقال تعالى في سورة البقرة (سَمِعْنا) ما أمرنا به سماع قبول، وفيه تعريض بالردّ على من قال: سمعنا وعصينا. (وَأَطَعْنا) ؛ أي: انقدنا للطّاعة؛ ولو بالعزم عليها. نسألك (غُفْرانَكَ) .

ومعنى الغفران: ستر الذّنوب؛ كبيرها وصغيرها، جليّها وخفيّها. فالإنسان يطلب المغفرة؛ ولو في حالة الطّاعة؛ بسبب ما يطرأ عليها من العجب وحبّ المحمدة، وغير ذلك من الآفات الّتي تذهبها، فالعارف لا يعتمد على أعماله أبدا، وعلامة ذلك كونه يجدّد التّوبة والاستغفار، ولو كان متلبّسا بأكبر الطّاعات.

* (رَبَّنا) ؛ أي: يا ربّنا منك مبدؤنا (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (٢٨٥) : المرجع بالبعث.

(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا) : لا تعاقبنا، وهو تعليم من الله لعباده كيفيّة الدّعاء، وهذا من غاية الكرم حيث يعلمهم الطّلب ليعطيهم المطلوب.

وجاء بالمفاعلة، وهو فعل واحد؛ وهو الله!! لأنّ المسيء قد أمكن من نفسه وطرق السّبيل إليها بفعله، فكأنّه أعان من يعاقبه بذنبه، ويأخذ به على نفسه؛ فحسنت المفاعلة.

(إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ؛ أي: تركنا الصّواب لا عن عمد؛ كتأخير الصّلاة عن وقتها في حال الغيم؛ جهلا بالوقت، وكقتل الخطأ، فلا تؤاخذنا يا ربّنا بذلك كما آخذت به من قبلنا. قيل: كان بنو إسرائيل إذا نسو شيئا مما أمروا به أو أخطأوا؛ عجّلت لهم العقوبة، فيحرم عليهم شيء ممّا كان حلالا لهم؛ من مطعم، أو مشرب- على حسب ذلك الذّنب- فأمر الله المؤمنين أن يسألوا رفع مؤاخذتهم بالخطأ والنّسيان، وقد رفع الله ذلك عن هذه الأمّة المحمّدية، كما ورد في الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمّتي الخطأ، والنّسيان، وما استكرهوا عليه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>