اللهمّ؛ اغسل عنّي خطاياي بالماء والثّلج والبرد، ونقّ قلبي من الخطايا كما ينقّى الثّوب الأبيض من الدّنس، وباعد بيني وبين خطاياي؛ ...
بعد جيل؛ لئلّا يلتبس كفره على مدركه.
(اللهمّ؛ اغسل) : أزل (عنّي خطاياي) ؛ أي: ذنوبي، لو فرض أن لي ذنوبا، أو ذكره للتّشريع.
(بالماء والثّلج والبرد) - بفتحتين-: حب الغمام، وجمع بينهما!! مبالغة في التّطهير، أي: طهّرني منها بأنواع مغفرتك.
وخصّها!! لأنّها لبردها أسرع لإطفاء حرّ عذاب النّار الّتي هي غاية الحرّ، وجعل الخطايا بمنزلة جهنّم؛ لكونها سببها، فعبّر عن إطفاء حرّها بذلك، وبالغ باستعمال المبرّدات؛ مترقّيا عن الماء إلى أبرد منه، وهو الثلج، ثمّ إلى أبرد منه وهو البرد، بدليل جموده، ومصيره جليدا، والثّلج يذوب؛ قاله المناوي.
وفي «حواشي الحفني» : شبّه الخطايا بالدّنس الحسّي الّذي يتباعد عنه، والغسل تخييل، والماء والثلج والبرد ترشيح باق على معناه، أو مستعار لعمل البرّ المطهر من الدّنس؛ بجامع إزالة ما يكره.
فالمراد من الغسل المذكور المغفرة، وقال ابن دقيق العيد: عبّر بذلك عن غاية المحو، فإنّ الثّوب الّذي يتكرّر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النّقاء. انتهى.
(ونقّ) - بفتح النّون وشدّ القاف- (قلبي) الّذي هو ملك الأعضاء، واستقامتها باستقامته. (من الخطايا) تأكيد للسّابق، ومجاز عن إزالة الذّنوب ومحو أثرها، (كما ينقّى الثّوب الأبيض من الدّنس) - بفتح الدّال والنّون- أي: الوسخ، ولما كان الدّنس في الثّوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التّشبيه به.
(وباعد) ؛ أي: أبعد. وعبّر بالمفاعلة مبالغة (بيني وبين خطاياي) كرّر (بين) هنا دون ما بعده؛ لأنّ العطف على الضّمير المجرور يعاد فيه الخافض.