إلّا نخلة واحدة غرسها عمر، فحملت النّخل من عامها، ولم تحمل النّخلة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«ما شأن هذه النّخلة؟» . فقال عمر: يا رسول الله؛ أنا غرستها، فنزعها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فغرسها، فحملت من عامها.
عليّ المال حتّى أتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة ... إلى آخر ما تقدّم.
(إلّا نخلة) - بالنصب على الاستثناء- (واحدة) للتأكيد (غرسها عمر) بن الخطّاب، وفي بعض الشروح أنّ حكاية غرس عمر رضي الله تعالى عنه نخلة وعدم حملها من عامها غير منقولة إلّا في حديث الترمذي، وليس فيما سواه من أخبار سلمان رضي الله تعالى عنه.
(فحملت) - أي: أثمرت- (النّخل من عامها) الذي غرست فيه- على خلاف المعتاد- استعجالا لتخليص سلمان من الرقّ ليزداد رغبة في الإسلام.
(ولم تحمل النّخلة) ؛ وفي رواية: ولم تحمل نخلة عمر، أي: لم تثمر من عامها وعدم حملها واقع على سنن ما هو المتعارف؛ إفادة لكمال امتياز رتبة النبي صلّى الله عليه وسلم عن رتبة غيره، ومقدّمة لمعجزتين من معجزاته، لأن غرس النخل له ميقات معلوم؛ (فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما شأن هذه النّخلة؟» ) أي: ما حالها وما بالها. لم تحمل؛ مع أنّ صواحباتها قد حملت جميعا!.
(فقال عمر) رضي الله تعالى عنه: (يا رسول الله؛ أنا غرستها) ، ولم تغرسها أنت؛ فلم تثمر كصواحباتها، ليظهر كمال تميّزك على غيرك. وكأنّ عمر رضي الله تعالى عنه ما عرف أنّه صلّى الله عليه وسلم أراد بالغرس إظهار المعجزة؛ بل مجرّد المعاونة.
(فنزعها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فغرسها) ثانيا بيديه في غير الوقت المعلوم لغرس النخل.
(فحملت من عامها) ؛ أي: من عام غرسها، وفي رواية «من عامه» ؛ أي:
الغرس. والحكمة من ذلك: أن يظهر المعجزة بإطعام الكلّ سوى ما لم يغرسه كل الظهور، ويتسبّب لظهوره معجزة أخرى؛ وهي غرس نخلة عمر ثانيا وإطعامها في عامها، ففيه معجزتان غير ما سبق: الغرس في غير أوان الغرس، والإثمار من عامه. والله أعلم.