للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكتحل منها كلّ ليلة، ثلاثة في هذه، وثلاثة في هذه.

(يكتحل منها) بالإثمد (كلّ ليلة) - بالنصب- أي: في كلّ ليلة قبل أن ينام، وإنّما كان ليلا!! لأنّه أبقى للعين وأمكن في السراية إلى طبقاتها، لأنّه يلتقي عليه الجفنان. (ثلاثة) متوالية (في هذه) ؛ أي: اليمنى، (وثلاثة) كذلك (في هذه) ؛ أي: اليسرى. وحكمة التثليث: توسّطه بين الإقلال والإكثار.

ويسنّ فيه التيامن، لأنّه صلّى الله عليه وسلم كان يحبّ التيمّن في شأنه كلّه؛ قال الزين العراقي:

وهل تحصل سنّيّة التيمّن باكتحاله مرّة في اليمنى ومرّة في اليسرى؛ ثم يفعل ذلك ثانيا وثالثا، أو لا يحصل إلّا بتقديم المرّات الثلاث في الأولى؟!

الظاهر الثاني؛ قياسا على العضوين المتماثلين في الوضوء كاليدين، ويحتمل حصولها بذلك قياسا على المضمضة والاستنشاق في بعض صوره المعروفة في الجمع والتفريق.

وما ذكر في هذه الرواية من «أنه صلّى الله عليه وسلم كان يكتحل كلّ ليلة ثلاثا» !! يخاف:

١- ما رواه الطبراني في «الكبير» ؛ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنها: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا اكتحل يجعل في اليمنى ثلاثة مراود، وفي الأخرى مرودين؛ يجعل ذلك وترا» ، و ٢- ما رواه ابن عديّ في «الكامل» ؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يكتحل في اليمنى ثنتين، وفي اليسرى ثنتين؛ وواحدة بينهما» !! ومن ثمّ قيل- في خبر «من اكتحل فليوتر» المرويّ في أبي داود-: فيه قولان: أحدهما؛ كون الإيتار في كلّ واحدة من العينين.

الثاني: كونه في مجموعهما، قال الحافظ ابن حجر: والأرجح الأوّل؛ قال ابن سيرين: وأنا أحبّ أن يكون في هذه ثلاثا؛ وفي هذه ثلاثا، وواحدة بينهما ليحصل الإيتار في كلّ منهما، وفي مجموعهما، وبهذا صارت الأقوال في الإيتار ثلاثة.

وقد ذكر بعضهم أنه صلّى الله عليه وسلم كان يفتتح في الاكتحال باليمنى، ويختم بها تفضيلا لها، وظاهره أنه كان يكتحل في اليمنى ثنتين وفي اليسرى كذلك، ثم يأتي بالثالثة

<<  <  ج: ص:  >  >>