لاشتمال هذه السّور على بيان أحوال القيامة ممّا يوجب خوفه على أمّته صلّى الله عليه وسلّم.
زاد الطبراني: و «الحاقة» ، وزاد ابن مردويه: و «هل أتاك حديث الغاشية» ، وزاد ابن سعد: و «القارعة» ، و «سأل سائل» ، وفي رواية: و «اقتربت الساعة» .
وإسناد الشيب إلى السور المذكورة من قبيل الإسناد إلى السبب؛ فيكون مجازا عقليا، على حدّ قولهم: أنبت الربيع البقل، لأن المؤثّر حقيقة هو الله تعالى، وإنما كانت سببا في الشيب!! (لاشتمال هذه السّور على بيان أحوال) - السعداء والأشقياء، وأحوال- (القيامة) وما تتعسّر؛ بل تتعذّر غايته على غير النفوس القدسية، وهو الأمر بالاستقامة كما أمر، الذي لا يمكن لأمثالنا وغير ذلك (ممّا يوجب) - استيلاء الخوف؛ لا سيما- (خوفه على أمّته صلّى الله عليه وسلم) . لعظيم رأفته بهم ورحمته، ودوام التفكّر فيما يصلحهم، وتتابع الغمّ فيما ينوبهم أو يصدر عنهم، واشتغال قلبه وبدنه وإعمال خاطره فيما فعل بالأمم الماضين، كما في بعض الروايات:«شيّبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبلي» ، وذلك كلّه يستلزم ضعف الحرارة الغريزية، وضعفها يسرع الشيب ويظهره قبل أوانه. قال المتنبي:
لكن لما كان صلّى الله عليه وسلم عنده من شرح الصدر وتزاحم أنوار اليقين على قلبه ما يسلّيه؛ لم يستول ذلك إلّا على قدر يسير من شعره الشريف؛ ليكون فيه مظهر الجلال والجمال ويستبين أنّ جماله غالب على جلاله، وإنّما قدّمت هود على بقية السور؛ لأنه أمر فيها بالثبات في موقف الاستقامة التي هي من أعلى المراتب، ولا يستطيع الترقّي إلى ذروة سنامها إلّا من شرّفه الله بخلع السلامة.
وقد أورد: أن ما اشتملت عليه هود من الأمر بالاستقامة مذكور في سورة الشورى، فلم أسند الشيب إليها دونها؟!
وأجيب: بأنه أول ما سمعه في هود، وبأن المأمور في سورة الشورى نبينا