للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّه منذر جيش يقول: صبّحكم ومسّاكم.

(كأنّه منذر) : محذّر (جيش) ؛ أي: كمن ينذر قوما من جيش عظيم قصدوا الإغارة عليهم، فإنّ المنذر المعلم يعرّف القوم بما يدهمهم من عدوّ؛ أو غيره، وهو المخوّف أيضا حال كونه (يقول: صبّحكم) - بفتح الصاد والباء المشدّدة- أي: أتاكم الجيش وقت الصباح (ومسّاكم) - بالفتح- مثقّلا؛ أي: أتاكم وقت المساء.

قال الطّيبي: شبّه حاله في إنذاره وخطبته بقرب يوم القيامة، وتهالك الناس فيما يراد بهم بحال من ينذر قومه عند غفلتهم بجيش قريب منهم يقصد الإحاطة بهم؛ بغتة بحيث لا يفوته منهم أحد، فكما أن المنذر يرفع صوته وتحمرّ عيناه ويشتدّ غضبه على تغافلهم؛ فكذا حاله صلّى الله عليه وسلم عند الإنذار، وفيه أنّه يسنّ للخطيب تفخيم أمر الخطبة ورفع صوته وتحريك كلامه، ويكون مطابقا لما تكلّم به من ترغيب وترهيب.

قال في «المطامح» : فيه دليل على إغلاظ العالم على المتعلّم، والواعظ على المستمع وشدّة التخويف.

ثم هذا قطعة من حديث، وبقيته عند ابن ماجه وغيره: ويقول: «بعثت أنا والسّاعة كهاتين» ، ويقرن بين أصابعه السّبّابة والوسطى. ثم يقول: «أمّا بعد؛ فإنّ خير الأمور كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمّد صلّى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة» . انتهى «مناوي وزرقاني» .

<<  <  ج: ص:  >  >>