للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قلت: كيف كان ضحكه؟

قال: كان رجل معه ترس، وكان سعد راميا، وكان الرّجل يقول كذا وكذا بالتّرس يغطّي جبهته، ...

قال) ؛ أي: عامر (قلت) لسعد: (كيف كان) ؛ أي: على أي حال كان (ضحكه؟ قال) - أي- سعد: (كان رجل) من الكفّار (معه ترس) ، الجملة خبر «كان» ، والترس: ما يستتر به في حال الحرب، وفي رواية: «قوس» بدل: ترس. (وكان سعد راميا) ؛ أي: يحسن الرمي، ثم إن كان هذا من كلام سعد؛ كما هو الظاهر، كان فيه التفات، إذ كان الظاهر أن يقول: وكنت راميا، وإن كان من كلام عامر!! فلا التفات، غير أنّه عبّر عنه باسمه؛ ولم يقل أبي؛ ومثله كثير في أسانيد الصحابة رضي الله عنهم.

(وكان) - هذا من كلام سعد بكل تقدير- (الرّجل يقول كذا وكذا بالتّرس) ؛ أي: يفعل كذا وكذا بالترس، أي: يشير به يمينا وشمالا، فالمراد بالقول هنا الفعل، قال صاحب «النهاية» : والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتطلقه على غير الكلام، تقول: قال بيده؛ أي: أخذ، و: قال برجله؛ أي مشى، و: قالت به العينان سمعا وطاعة؛ أي: أومأت به، و: قال بالماء على يده؛ أي: صبّه، و: قال بثوبه؛ أي: رفعه، و: قال بالترس؛ أي: أشار به وقلبه، وقس على هذه الأفعال ... وعلى هذا فالجارّ والمجرور- أعني قوله «بالترس» - متعلّق ب «يقول» بمعنى يفعل.

وقوله (يغطّي جبهته) مستأنف مبيّن للإشارة في قوله «كذا وكذا» ؛ أي:

يغطي جبهته حذرا من السهم، ويحتمل أن القول باق على حقيقته، والمعنى يقول: كذا وكذا من القول القبيح في حقّ النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يصرّح سعد بما بعده وهو قوله: بغطّي جبهته؛ أي: حذرا من السهم- كما مر- وهي جملة حاليّة من فاعل «يقول» ، والأول هو الأظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>