للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أحبّ الثّياب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحبرة بوزن عنبة- برد يمانيّ محبّر؛ أي: مزيّن محسّن.

وكان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بردان أخضران، فيهما خطوط خضر ...

وإنّما قصد التبرّك، ومن ثمّ اغتفر له صلّى الله عليه وسلم هذا الفعل الذي ينافيه جلالة منصبه الكبير، ورعاية الأدب معه، لا سيّما بحضرة النّاس.

وفي هذا الحديث حلّ لبس القميص، وحلّ الزّرّ فيه، وحلّ إطلاقه، وسعة الجيب بحيث تدخل اليد فيه، وإدخال يد الغير في الطّوق لمسّ ما تحته تبرّكا، وكمال تواضعه صلّى الله عليه وسلم.

(و) أخرج البخاريّ، ومسلم، وأبو داود، والنّسائي، والتّرمذي، في «الشمائل» ؛ عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال:

(كان أحبّ الثّياب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم) أن يلبسها- هذا لفظ رواية الشّيخين- (الحبرة) - بالنصب، خبر «كان» ، و «أحبّ» : بالرفع، اسمها، ويجوز عكسه- والحبرة؛ (- بوزن عنبة-: برد يمانيّ) من قطن (محبّر) - بالتّشديد- (أي: مزيّن محسّن) بخطوط حمر، والتّحبير: التّزيين والتّحسين، والظّاهر أنّه إنّما أحبّها للينها وحسن انسجام صنعتها وموافقتها لجسده الشّريف، فإنّه كان على غاية من النّعومة واللّين، فيوافقه اللّيّن النّاعم، وأمّا شديد الخشونة فيؤذيه، ولا يعارض ذلك ما تقدّم من أنّه كان الأحبّ إليه القميص، لأنّ ذلك بالنسبة لما خيط وهذا بالنّسبة لما يرتدي به، أو أنّ محبّته للقميص كانت حين يكون عند نسائه، والحبرة كانت حين يكون بين صحبه، على أنّ هذا الحديث أصحّ من حديث أمّ سلمة السّابق لاتّفاق الشّيخين عليه، فلا يعارضه الحديث السّابق، والله أعلم.

(و) في «كشف الغمّة» للإمام الشّعرانيّ رحمه الله تعالى: (كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بردان) - تثنية برد، وهو؛ كما في «القاموس» : ثوب مخطّط- (أخضران) ، أي: (فيهما خطوط خضر) ، أي: مخطّطان بخطوط خضر،

<<  <  ج: ص:  >  >>