للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: «ارفع إزارك فإنّه أتقى وأبقى» ، فإذا هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله؛ إنّما هي بردة ملحاء، ...

أو ما قام مقامهما؛ كقوله تعالى (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [٦٨: البقرة] . وقدّم المسند إليه للتّخصيص أو للتّقوّي. وعبّر بصيغة المضارع استحضارا للصّورة الماضية، والباء في قوله ب «المدينة» بمعنى «في» . وقوله (يقول) خبر المبتدأ الّذي هو (إنسان) ؛ المخصوص بالوصف، أي: يقول ذلك الإنسان: ( «ارفع إزارك) عن الأرض، وهذا على عادته في نصح أصحابه، (فإنّه) - أي: الرفع- (أتقى) بمثنّاة فوقيّة- أي: أقرب إلى التّقوى، للبعد عن الكبر والخيلاء، وفي رواية:

«أنقى» بالنّون، أي: أنظف، فإنّ الإزار إذا جرّ على الأرض ربّما تعلق به نجاسة فتلوّثه، (وأبقى) - بالباء الموحّدة-؛ أي: أكثر بقاء ودواما.

وفيه إرشاد إلى أنّه ينبغي للّابس الرّفق بما يستعمله، واعتناؤه بحفظه، لأنّ إهماله تضييع وإسراف، فقد علّل النّبيّ صلّى الله عليه وسلم أمره بالمصلحة الدّينيّة؛ وهي طهارة القلب أو القالب أوّلا، لأنّها المقصودة بالذّات، وثانيا بالمنفعة الدّنيويّة، فإنّها التّابعة للأخرى.

وفيه إيماء إلى أنّ المصالح الأخرويّة لا تخلو عن المنافع الدّنيويّة.

(فإذا هو) - أي: الإنسان- (رسول الله) ، هكذا في أكثر نسخ «الشمائل» ، وفي بعضها: فالتفتّ فإذا هو رسول الله (صلّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله؛ إنّما هي) ؛ أي: الإزار- تؤنّث وتذكّر- (بردة) - بضمّ فسكون- كساء صغير مربّع، ويقال كساء أسود صغير، (ملحاء) - بفتح الميم والحاء المهملة وسكون اللّام والمدّ- هي في الأصل: البياض يخالطه سواد، والمراد: بردة سوداء فيها خطوط بيض تلبسها الأعراب.

والظّاهر أنّ هذا جواب لقوله «أبقى» بموحدة، أي: إنّها بردة مبتذلة لا يؤبه لها ليراعي ما يقيها؛ إذ ليست من الثّياب الفّاخرة، وكأنّه يريد أنّ هذا ثوب لا اعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>