وكان متقلّلا من أمتعة الدّنيا كلّها، وقد أعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض كلّها.. فأبى أن يأخذها، واختار الآخرة عليها.
وسئلت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما كان فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيتك؟ قالت: من أدم، حشوه ليف.
قال في «تيسير الوصول إلى جامع الأصول» للحافظ الديبع: عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: «كان فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أدم حشوه ليف» أخرجه الخمسة إلّا النسائي. انتهى.
وهو في «الشمائل» من رواية عروة بن الزبير؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:«إنّما كان فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي ينام عليه من أدم حشوه ليف» .
(و) قال الإمام النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» : (كان) صلّى الله عليه وسلم (متقلّلا من أمتعة) - جمع متاع، وهو في اللّغة: كل ما ينتفع به كالطعام، والبزّ، وأثاث البيت. وأصل المتاع: ما يتبلغ به من الزاد- (الدّنيا) ؛ فعلى، وسمّيت دنيا لدنوها، والجمع الدّنا مثل الكبرى والكبر، وإنّما كان متقلّلا من أمتعة الدنيا (كلّها) ؛ لأنّ الله تعالى أمره أن لا يمدّن عينيه إلى الدنيا وزهرتها، (و) إلى ما متّع به أهلها؛ فمن ثمّ اقتصر منها على أقلّ ممكن مع تيسيرها عليه، ف (قد) عرضت عليه كنوزها، و (أعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض كلّها) روى مسلم في «صحيحه» : «بينا أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي» ؛ (فأبى أن يأخذها) ، وما أرادها، (واختار الآخرة عليها) ، ولو أراد الدنيا لكان أشكر الخلق بما أخذه منها، ولأنفقه كلّه في مرضاة الله تعالى وسبيله.
(و) أخرج الترمذيّ في «الشمائل» ؛ من حديث محمد الباقر مرسلا قال:
(سئلت عائشة رضي الله تعالى عنها) ، أي: أنّ سائلا سألها: (ما كان فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيتك؟ قالت: من أدم حشوه ليف) .
وفيه أنّ النّوم على الفراش المحشوّ، واتّخاذه لا ينافي الزهد، هبه من أدم أو