للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلّى الله عليه وسلّم يستحبّ أن تكون له فروة مدبوغة يصلّي عليها.

أبي داود» للوليّ العراقيّ، وسبقه إليه أبوه في «شرح الترمذيّ» حيث قال: في «سنن أبي داود» ما يدلّ على أنّ المراد بالبساط الحصير.

قال ابن القيّم: كان يسجد على الأرض كثيرا، وعلى الماء، والطين، وعلى الخمرة المتّخذة من خوص النخل، وعلى الحصير المتّخذ منه، وعلى الفروة المدبوغة؛ كذا في «زاد المعاد» . ولا ينافيه إنكاره في «المصايد» على الصوفيّة ملازمتهم للصلاة على سجادة. وقول ابن القيّم: «لم يصلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سجادة قطّ، ولا كانت السجادة تفرش بين يديه» !!، مراده السجادة من صوف على الوجه المعروف، فإنّه كان يصلّي على ما اتّفق بسطه. انتهى؛ ذكره المناوي في «الكبير» رحمه الله تعالى.

(و) أخرج ابن سعد في «طبقاته» بسند ضعيف؛ عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال: (كان) رسول الله (صلّى الله عليه وسلم يستحبّ) ؛ أي: يحب (أن تكون له فروة مدبوغة) . الفروة قيل: بإثبات التاء، وقيل: بحذفها، والجمع فراء؛ كسهم وسهام، وهو على أنواع: فمنها السمور، والأزق، والقاقون، والسنجاب، والنافه، والقرسق، وأولاهنّ أعلاهنّ، وهي جلود حيوانات تدبغ فتخيط ويلبس بها الثياب، يلبسونها اتّقاء البرد. قال الأزهريّ: الجلدة إذا لم يكن عليها وبر، ولا صوف لا تسمّى «فروة» . انتهى «شرح القاموس» .

(يصلّي عليها) بيّن به أنّ الصلاة على الفروة لا تكره، وأنّ ذلك لا ينافي كمال الزهد، وأنّه ليس من الورع الصلاة على الأرض، لأنّ محلّ ذلك القلب.

وفيه إشارة إلى أنّ التنزّه عنها توهّما لتقصير الدبّاغ عن التطهير ليس من الورع، وإيماء إلى أنّ الشرط تجنّب النجاسة إذا شوهدت، وعدم تدقيق النظر في استنباط الاحتمالات البعيدة، وقد أخطأ قوم استفرغوا أنظارهم في دقائق الطهارة والنجاسة، وأهملوا النظر في دقائق الرياء والظلم!! فانظر كيف اندرس من الدين رسمه؛ كما اندرس تحقيقه وعلمه!! نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق إلى أقوم طريق. انتهى. مناوي رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>