للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يلبس خاتمه في يمينه.

ويدفع التنافي بأنّ له صلّى الله عليه وسلم خاتمين؛ أحدهما: منقوش بصدد الختم به، وكان لا يلبسه، والثاني: كان يلبسه ليقتدى به، أو أنّ المراد أنّه لا يلبسه دائما بل غبّا، فلا منافاة حينئذ. وقد يقال: لم يلبسه أوّلا بل اتّخذه لضرورة الختم؛ ولم يلبسه، فخاف من توهّم أنّه اتّخذه لزينة فلبسه، والله أعلم.

(و) أخرج أبو داود، والنسائي، وابن حبّان وصحّحه، والترمذيّ في «الشمائل» واللّفظ له؛ عن عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال:

(كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلم يلبس) - بفتح الباء-؛ من اللّبس- بضم اللّام- (خاتمه) بفتح التاء وتكسر- (في يمينه) ؛ أي: في خنصر يده اليمنى، فالتختّم فيها أفضل اقتداء به صلّى الله عليه وسلم لكونه أكثر أحواله؛ كما قال ابن حجر، ولأنّ التختّم فيه نوع تكريم، وتشريف، وتزيّن، واليمنى بذلك أحقّ، وكونه صار شعار الروافض!! لا أصل له.

وتختّمه في اليسار الذي أخذ به مالك؛ ففضّله على اليمين!! حمله الشافعيّة على بيان الجواز، وقول بعضهم: «التختّم في اليسار مرويّ عن عائشة، وجميع الصحب، والتابعين» !! معارض بقول الحافظ الزين العراقيّ في «شرح الترمذيّ» وتبعه تلميذه الحافظ ابن حجر رحمهم الله تعالى-: ورد تختّمه في اليمين من رواية تسعة من الصحابة، وفي اليسار من رواية ثلاثة منهم. هكذا قال الحافظان، وذكرهما الثلاثة فقط يعكّر عليه نقل الزين العراقي نفسه التختّم في اليسار عن الخلفاء الأربعة، وابن عمرو، وعمرو بن حريث، لكنّ سنده إلى الخلفاء الأربعة منقطع.

وقول ابن رجب «ورد في حديث أنّ تختّمه في اليسار آخر الأمرين من فعله صلّى الله عليه وسلم» !! لا يقاوم نقل الترمذيّ عن البخاريّ أنّ التختّم في اليمين أصحّ شيء عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم في هذا الباب، وإذا كان أصحّ؛ فلا وجه للعدول عن ترجيح أفضليّته.

ويجمع بين روايات اليمين وروايات اليسار: بأنّ كلّا منها وقع في بعض الأحوال، أو أنّه صلّى الله عليه وسلم كان له خاتمان؛ كلّ واحد في يد على ما فيه، كما تقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>