الخاتم من حديد، أو رصاص، أو نحاس؛ لحديث «الصحيحين» ؛ عن سهل:
أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال للّذي خطب الواهبة نفسها:«التمس ولو خاتما من حديد!!» . قال: ولو كان فيه كراهة! لم يأذن فيه. وفي «سنن» أبي داود بإسناد جيّد؛ عن معيقيب الصحابيّ: كان خاتمه عليه الصلاة والسلام من حديد ملويّ عليه فضّة. والمختار أنّه لا يكره؛ لهذين الحديثين. انتهى.
وقال في «شرح مسلم» في الكلام على حديث المرأة الواهبة [نفسها]«١» :
وفي هذا الحديث جواز اتّخاذ خاتم الحديد، وفيه خلاف للسّلف حكاه القاضي عياض، ولأصحابنا الشافعيّة في كراهته وجهان، أصحّهما: لا يكره؛ لأنّ الحديث في النهي عنه ضعيف. انتهى كلام النوويّ.
واعترض تضعيفه للحديث بتصحيح ابن حبّان، والضياء، وغيرهما له، فاعتذر القسطلّاني عن النووي بأنه تضعيف نسبيّ؛ أي: أنّ تضعيفه للحديث إنّما هو بالنسبة إلى مقاومة حديث سهل بن سعد في «الصحيحين» ، وغيرهما، في قصة الواهبة نفسها؛ لا مطلقا! فمعنى التضعيف: تقديم حديثهما عليه، على القاعدة في تقديم مرويّهما عند التعارض على غيره؛ وإن كان صحيحا، أو حسنا! إذ كيف يتوهّم أنّه ضعّفه مطلقا، - أي: حقيقة- وله في ذلك عدّة شواهد؛ إن لم ترفعه إلى درجة الصحّة لم تدعه ينزل عن درجة الحسن؟! قال المناوي: وهذا الاعتذار جرى فيه على عادة أهل القرن العاشر من الانتصار لكلام النوويّ كيفما كان.
والإنصاف: أنّ خبر النّهي دليل صالح لكراهة التنزيه، وحديث «الصحيحين» بيان للجواز معها؛ فلا معارضة، ولذا رجّح المالكيّة كراهة الحديد ونحوه. وإنّما يقدّم خبر الشيخين عند تحقّق المعارضه. انتهى كلام المناوي رحمه الله تعالى.