إن كنّا لننظر إلى الهلال ثمّ الهلال ثمّ الهلال؛ ثلاثة أهلّة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نار.
قال: قلت يا خالة؛ فما كان يعيّشكم؟ قالت: الأسودان؛ التّمر والماء، إلّا أنّه كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيران من الأنصار، (إن كنّا) إن مخفّفة من الثّقيلة دخلت على الفعل الماضي الناسخ، واللّام في (لننظر) فارقة بينها وبين «إن» النافية عند البصريين قاله القسطلّانيّ.
(إلى الهلال ثمّ الهلال ثمّ الهلال؛ ثلاثة أهلّة) بجرّ ثلاثة ونصبه بتقدير لننظر (في شهرين) باعتبار رؤية الهلال أول الشهر الأول والثاني وآخره ليلة الثالث، فالمدة ستون يوما والمرئي ثلاثة أهلة، (وما أوقد) بضم الهمزة وكسر القاف (في أبيات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نار) بالرفع نائب عن الفاعل، لا لطبخ ولا لغيره، فعند ابن جرير عنها: أهدى لنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه رجل شاة فإني لأقطّعها في ظلمة البيت، فقيل لها: أما كان لكم سراج؟! فقالت: لو كان لنا ما نسرج به أكلناه.
(قال) أي: عروة (قلت: يا خالة) بضم التاء منادى مفرد، وفي رواية خالتي (فما كان يعيّشكم) بضم أوله من أعاشه الله يعيشه، وضبطه النّووي بتشديد الياء الثّانية، أي: مع فتح العين؛ قاله الحافظ ابن حجر وغيره، أي: يدفع عنكم ألم الجوع ويكون سببا في الحياة.
(قالت: الأسودان؛ التّمر والماء) هو على التغليب، فالماء لا لون له، وكذا قالوا: الأبيضان اللبن والماء، وإنما أطلق على التمر أسود لأن غالب تمر المدينة أسود.
(إلّا أنّه كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم جيران) بكسر الجيم جمع جار؛ وهو المجاور في السكن (من الأنصار) سعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو بن حرام وأبو أيوب خالد بن زيد وسعد بن زرارة وغيرهم؛ قاله الحافظ ابن حجر وتبعه القسطلاني في باب الهبة.