للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله تعالى عنه لنا جليسا، وكان نعم الجليس، وإنّه انقلب بنا ذات يوم حتّى إذا دخلنا بيته.. دخل فاغتسل، ثمّ خرج وأتينا بصحفة فيها خبز ولحم، فلمّا وضعت.. بكى عبد الرّحمن.

فقلت: يا أبا محمّد؛ ما يبكيك؟.

قال بعضهم:

ولم يصلّ المصطفى خلف أحد ... إلّا ابن عوف فله الفضل أبد

روي له عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خمسة وستون حديثا؛ اتفقا منها على حديثين، وانفرد البخاري بخمسة. وتوفي سنة: - ٣٢- اثنتين وثلاثين. وقيل: إحدى وثلاثين. وعمره اثنان وسبعون سنة، ودفن بالبقيع (رضي الله تعالى عنه

لنا جليسا) أي: مجالسا؛ (وكان) مقولا في حقه: (نعم الجليس) هو، (وإنّه) بكسر الهمزة (انقلب) أي: رجع (بنا) ؛ أي: انقلب معنا من السوق، أو غيرها فالباء بمعنى «مع» ، ويحتمل أنها للتعدية؛ أي: قلبنا وردّنا من الجهة الّتي كنّا ذاهبين إليها إلى بيته (ذات يوم) ؛ أي: ساعة ذات يوم؛ أي: في ساعة من يوم، ويحتمل أن «ذات» مقحمة، والمعنى: في يوم.

(حتّى إذا دخلنا بيته دخل) يغتسل (فاغتسل) لكونه محتاجا للغسل، ولم يكن ليأكل طعاما بدون الغسل؛ لأنه خلاف الكمال، وهذا من مؤكّدات أنّه «نعم الجليس» .

(ثمّ خرج) أي: من مغتسله إلينا، (وأتينا) - بالبناء للمجهول- أي: أتانا غلامه أو خادمه (بصحفة) هي إناء كالقصعة، وقيل: إناء مبسوط كالصّحيفة؛ (فيها) أي: في تلك الصّحفة (خبز ولحم، فلمّا وضعت) ؛ أي: الصّحفة الّتي فيها خبز ولحم (بكى عبد الرّحمن) بن عوف؛ خوفا مما يترتب على السّعة في الدّنيا.

(فقلت) له (: يا أبا محمّد) هذه كنية عبد الرحمن (ما يبكيك؟) أي أيّ شيء يجعلك باكيا؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>