وقال أنس رضي الله تعالى عنه: ما أعلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رغيفا مرقّقا حتّى لحق بالله، ...
وقوله ثرّيناه- بمثلاثة وراء ثقيلة مفتوحتين- أي: ندّيناه وليّنّاه بالماء.
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» : قوله «من حين ابتعثه الله» أظنّه احتراز عما قبل البعثة، لأنه صلّى الله عليه وسلم توجّه في أيام الفترة مرتين، إلى جانب الشام تاجرا، ووصل إلى بصرى، وحضر في ضيافة بحيرا الراهب، وكانت الشام إذ ذاك مع الروم، والخبز النقي عندهم كثير، والظاهر أنه صلّى الله عليه وسلم رأى ذلك عندهم.
وأما بعد ظهور النّبوة! فلا شك أنّه في مكة والطائف والمدينة المنورة.
وقد اشتهر أنّ سبيل العيش صار مضيّقا عليه وعلى أكثر أصحابه؛ اضطرارا أو اختيارا. انتهى؛ ذكره في «جمع الوسائل» .
وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّها قالت: والله الذي بعث محمدا بالحق؛ ما رأى منخلا ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبض.
قلت: كيف كنتم تصنعون بالشعير؟ قالت: كنا نقول: أف.
قال الغزالي: وهذا لا يقتضي أنّ اتّخاذ المناخل لنخل الطعام منهيّ عنه، وإن كان أبدع بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم!! لأنّ المنهي عنه بدعة تضادّ سنة، وترفع أمرا من الشرع مع بقاء علّته، وليس نخل الطعام كذلك!! لأن القصد منه تطييب الطّعام، وذلك مباح ما لم ينته إلى التّنعّم المفرط. انتهى.
(وقال أنس رضي الله تعالى عنه: ما أعلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرقّقا) - براء مهملة فقافين- وهو: المليّن المحسّن كخبز الحوّارى وشبهه. والترقيق:
التليين.
وفي رواية في «الأطعمة» ؛ عن أنس: ما أكل خبزا مرقّقا (حتّى لحق بالله) عزّ وجلّ.