قال العلماء: وقد استجيبت دعوة الخليل لمكّة، والحبيب للمدينة، فصار يجبى إليهما من مشارق الأرض ومغاربها ثمرات كلّ شيء.
وإنّما لم يأكل صلّى الله عليه وسلم منه!! إشارة إلى أنّ النّفوس الزكية والأخلاق المرضيّة لا تتشوّف إلى شيء من أنواع الباكورة؛ إلّا بعد عموم الوجود، فيقدر كلّ أحد على تحصيله.
وفيه ١- أن الآخذ للباكورة يسنّ أن يدعو بهذا الدّعاء.
و٢- أنّ وقت رؤية الباكورة مظنّة إجابة الدّعاء.
(قال العلماء: وقد استجيبت دعوة الخليل لمكّة) المكرمة في قوله:
فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)[إبراهيم] يعني: وارزقهم من الثّمرات بأن تجلب إليهم من البلاد الشّاسعة لعلّهم يشكرون النّعمة؛ في أن يرزقوا أنواع الثّمرات حاضرة في واد ليس لهم فيه نجم «١» ولا شجر؛ ولا ماء.
ولا جرم أنّ الله أجاب دعوته وجعله كما أخبر عنه بقوله أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧)[القصص] :
(و) استجيبت دعوة (الحبيب) الأعظم صلّى الله عليه وسلم (للمدينة) المنورة بأنواره صلّى الله عليه وسلم، وضوعف خيرها؛ (فصار يجبى إليهما) ، أي: إلى مكّة والمدينة من زمن الخلفاء الراشدين (من مشارق الأرض ومغاربها ثمرات كلّ شيء) .
وزاد عليها- استجابة لقوله:«ومثله معه» - شيئان:
أحدهما: في ابتداء الأمر؛ وهو كنوز كسرى وقيصر وغيرهما؛ وإنفاقهما في سبيل الله على أهلها.
وثانيهما: في آخر الأمر؛ وهو أنّ الإيمان يأرز إليها من الأقطار.
(١) ما يقابل الشجر من النبات. وهو كل ما كان صغيرا منه.