للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذل السّلام، وحسن العمل، وقصر الأمل، ...

(وبذل السّلام) أخرج البزار: «ثلاث من الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وبذل السّلام، والإنصاف من نفسك» . ورواه الطبراني بلفظ:

«من جمعهنّ؛ فقد جمع الإيمان» . وروى مسلم: «حقّ المسلم على المسلم ستّ. إذا لقيته فسلّم عليه، وإذا عطس فحمد الله فشمّته ... » الحديث.

(وحسن العمل) بالإتيان بالطّاعات على الوجه الذي جاءت به السّنة المطهّرة، واجتناب المحرّمات.

(وقصر الأمل) اعلم أنّ طول الأمل: استشعار طول البقاء في الدّنيا حتّى يغلب ذلك على القلب، فيأخذ في العمل بمقتضاه، وقد قال السّلف: من طال أمله ساء عمله، وذلك لأنّ طول الأمل يحمل على الحرص على الدّنيا والتشمير لعمارتها، حتى يقطع الإنسان ليله ونهاره بالتفكّر في إصلاحها وكيفية السّعي لها؛ تارة بقلبه، وتارة بالعمل في ذلك، والأخذ فيه بظاهره، فيصير قلبه وجسمه مستغرقين في ذلك، وحينئذ ينسى الآخرة ويشتغل عنها، ويسوّف في العمل لها، فيكون في أمر دنياه مبادرا مشمّرا، وفي أمر آخرته مسوّفا ومقصّرا، وكان ينبغي له أن يعكس الأمر، فإنّ طول الأمل مذموم؛ وهو ينسي الآخرة، ولا بأس بقصر الأمل؛ أعني: القدر الذي لا يلهي عن الآخرة، ويتيسّر معه القيام بالمعايش التي لا غنى عنها.

وفي وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله تعالى عنهما: «كن في الدّنيا كأنّك غريب أو عابر سبيل» ، وفي ذلك غاية الحثّ على قصر الأمل وقلّة الرّغبة في الدنيا.

فعلى العاقل أن يستشعر قرب الموت، فإنّه أقرب غائب ينتظر، لا يأتي في سنّ مخصوص، ولا في زمن مخصوص، وما يدري الإنسان لعلّه لم يبق من أجله إلا الشيء اليسير!! فلا يطيل الأمل، ويسوّف العمل، ويغافل عن الاستعداد للموت إلّا

<<  <  ج: ص:  >  >>