الشافعي يقول: إن سبب النهي إن أهل الحجاز يستنجون بالحجارة وبلادهم حارة ويعرقون وقد تطوف يده على موضع الاستنجاء بعد العرق، والاستنجاء معلوم أنه لا يزيل الأثر، يبقى أثر، فإذا طافت يده على هذا العرق المختلط بأثر الاستنجاء تأثرت، لكن الذي يقول بأن اليد تتأثر لماذا لا تتأثر الثياب والسراويل؟ الاستنجاء أثره لا حكم له، الاستنجاء أثره لا حكم له، وحينئذٍ لا فرق بين النائم والمستيقظ إذا أثر في اليد أثر في السراويل من باب أولى، فالذي يظهر أن هذا التعليل عليل، ويبقى النهي على إطلاقه وعمومه، مفاد كلام الشافعي أنه في البلاد الباردة مثلاً أو في الشتاء مثلاً لا يحتاج أن يغسل يده، مقتضى ما أبداه الإمام الشافعي أنه في البلاد الباردة أو في الشتاء حتى في الحجاز لا يغسل يده؛ لأن الداعي إلى ذلك غير موجود، والحكم يدور مع علته، العلة ((فإنه لا يدري أين باتت يده)) هذه هي العلة المنصوصة، وعلى هذا إذا درى أين باتت يده يرتفع الحكم وإلا ما يرتفع؟ إذا قلنا: إن الحكم يدور مع علته، إذا درى كيف يدري؟ لو أدخلها في كيس مثلاً أو ربطها، ربط يده بالسرير مثلاً، شدها وربطها وعرف أنها ما حلت ولا انحلت إلى أن استيقظ، إذا قلنا: إن العلة مطردة منعكسة قلنا: الحكم يدور معها، وحينئذٍ لا يحتاج إلى غسل لا سيما وأن العلة المنصوصة هذا مقتضاها عند أهل العلم، لكن هل من مما يتعبد به مخالفة مثل هذه العلة بمعنى أنه يأتي بكيس ويدخل يده أو يربط يده؟ يذكر أهل العلم أن من شؤم معارضة أهل السنة أن شخصاً قال: أنا أدري أين باتت يدي فأدخلها في كيس وربطها أيضاً، فلما قام إذا هي في دبره، داخلة في دبره، وهذا يذكره أهل العلم في شؤم مخالفة السنة والمعاندة، وذكر المؤرخون الحافظ ابن كثير وغيره من أهل التاريخ ذكروا أن الذي إستاك في دبره -يعني تسوك- وجد في بطنه ألام مدة ثم بعد ذلك شعر بحمل وبعد تسعة أشهر وضع قطعة من لحم فما زالت هذه القطعة تصرخ حتى جاءت ابنته فرضتنها بحجر، المقصود أن شؤم مخالفة السنة يؤرث مثل هذا، وأورث أهل العلم أمثلة كثيرة، يعني الشخص الذي وضع المسامير في نعاله ودخل المسجد في حلقة العلم، ويريد أن يطأ أجنحة الملائكة التي