تضعها رضاً لما يصنعه طلاب العلم خسف به، مثل هذه الأمور يذكرها أهل العلم لا على سبيل الاحتجاج أو الاستدلال، وإنما من باب استقصاء ما ينفر عن ارتكاب مثل هذه الأمور وإلا فالمعول في الأصل على النصوص.
الجمهور على أن النهي للتنزيه؛ لأن العلة لا تقتضي تنجيس، بل هي مشكوك فيها، وأنه لا أثر له في الماء، ومنهم من يقول: النهي للتحريم، وأن غسل اليد قبل إدخالها في الإناء واجب، وإن لم تدرك العلة، كونه لا يدرك العلة ولا يدري ما العلة، ولا يدري أين باتت يده لا يعفيه من وجوب الغسل المأمور به، وتكون العلة من باب التعبد لله -جل وعلا- بامتثال هذا الأمر، وإذا قلنا: تعبدية حينئذٍ لا أثر له في الماء، إذا لم يكن تنجيس، عند الحنابلة أن غمس اليد -يد القائم من النوم- له أثر في الماء، فإذا كان قليلاً لا يبلغ القلتين أثر فيه، ولم يؤمر بغسلها إلا لوجود شيء مؤثر، وهذا المؤثر وإلا لم يكن نجاسة إلا أنه ينقل الماء من كونه طهور مطهر إلى كونه طاهر فقط، وعلى كل حال الأمر بالغسل واجب، وكونه يؤثر في الماء العلة تدل على عدم التأثير؛ لأن العلة كونه لا يدري، وكونه لا يدري الشك لا يزيل اليقين، يده طاهرة بيقين لكن يبقى أن الغسل واجب.
"قال: وفي الباب عن ابن عمر" رواه الدارقطني "وجابر" وهو عند ابن ماجه والدارقطني "وعائشة" عند ابن أبي حاتم في العلل، وحكى عن أبيه أنه وهم.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الكتب الستة، مخرج في الصحيحين وغيرهما "قال الشافعي: وأحب لكل من استيقظ من النوم قائلة كانت أو غيرها" يعني في النهار أو في الليل، يستحب "لكل من استيقظ من النوم قائلة كان أو غيرها أن لا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها" لأن العلة هي العلة سواء نام بالليل أو بالنهار، التنصيص على الليل في رواية الباب، في رواية الترمذي، أو التنصيص على البيتوتة وهي لا تكون إلا في الليل؛ لأن الغالب أن النوم في الليل، الغالب في وقتهم أن النوم إنما يكون في الليل، فجرى على ما جرى عليه غالب الحال عندهم، بخلاف العصور المتأخرة حينما قلبت الفطر، وعكس الناس السنة الإلهية فصاروا ينامون بالنهار، ويسهرون بالليل.