يقول الشافعي -رحمه الله-: "وأحب لكل من استيقض من النوم قائلة كان أو غيرها" القائلة هي النوم في منتصف النهار "ألا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها، فإن أدخل يده قبل أن يغسلها كرهت له ذلك؛ لأن النهي نهي تنزيه، ولم يفسد ذلك الماء إذا لم يكن على يده نجاسة" فحمل النهي على التنزيه والغسل على الاستحباب وهو قول الأكثر "وقال أحمد بن حنبل: إذا استيقظ من النوم من الليل فأدخل يده في وضوئه قبل أن يغسلها، فأعجب إلي أن يهريق الماء" لأنه انتقل من كونه طهور مطهر إلى كونه طاهر فقط، فلم يحكم بنجاسته؛ لأن طهارة اليد متيقنة وتغيرها مشكوك فيه، ولم يحكم بكونه مطهر يرفع الحدث؛ لأن النهي ثابت، وما دام نهي عن ذلك فلا بد أن يكون له أثر، وأقل الأحوال في الأثر أن يكون ناقلاً للماء من كونه طهوراً إلى كونه طاهراً.
"فأعجب إلي أن يهريق الماء" وإلى هذا ذهب الحسن وداود إلى أن غمس اليد قبل غسلها ثلاثاً يؤثر في الماء، لكن الحسن وداود يذكر عنهما أن الماء يكون نجساً، وأما عند أحمد فليس بنجس وإنما هو طاهر "وقال إسحاق" بن إبراهيم الحنظلي الإمام المعروف بابن راهويه: "إذا استيقظ من النوم بالليل أو بالنهار فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها" يعني مثل قول الإمام الشافعي إلا أن رأيه في التأثير مثل رأي أحمد فلم يخص الليل كما خصه الإمام أحمد، بل سوى بين الليل والنهار كقول الشافعي.