"قال بكر: وقد سمعت من ابن المغيرة" يعني سمعت هذا الحديث من ابن المغيرة أي: بلا واسطة الحسن، يعني مرة سمعه منه بواسطة، ومرة سمعه منه بغير واسطة، قال: وذكر محمد بن بشار في هذا الحديث في موضع آخر أنه مسح على ناصيته وعمامته، والناصية مقدم الرأس، وفي رواية لمسلم:"مسح على الخفين ومقدم رأسه، وعلى عمامته" يعني إذا كان المسح على الناصية والعمامة عند من يقول بإجزاء مسح بعض الرأس كالأئمة الثلاثة ومن يقول بقولهم، هذا ما فيه إشكال، إلا إذا كان الظاهر بعد العمامة أقل من الربع على ما يقوله الحنفية، هم يقولون: بمسح بعض الرأس، جزء من الرأس كقول الشافعية والمالكية، وعلى هذا إذا مسح على الناصية سقط فرضه ومسحه على العمامة استحباب، والذي يقول بوجوب تعميم الرأس بالمسح يقول: المسح على العمامة مقصود شرعي، وحكم شرعي ثبت بمثل هذا الحديث وغيره، أما الذي يقول: بمسح بعض الرأس هذا ما عنده إشكال، لو لم يمسح العمامة ما تأثر وضوؤه، لكن الإشكال فيمن يرى مسح جميع الرأس، فلا بد أن يقول بجواز المسح على العمامة، أو بوجوب نزعها عند الوضوء واستيعاب الرأس بالغسل.
"وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة، وذكر بعضهم المسح على الناصية والعمامة ولم يذكر بعضهم الناصية".
ولا شك أن الذاكرين للناصية ثقات حفاظ، فزيادتها مقبولة، ولو اقتصر على العمامة ولم يمسح شيئاً من الرأس لم يجزه عند الثلاثة، وذهب أحمد إلى جواز الاقتصار على العمامة قاله النووي، ويدل لمذهب أحمد حديث الباب، مسح على الخفين والعمامة.
أما حديث مسح على ناصيته وعمامته فلا يدل على مذهب أحمد، وإن دل على مذهب الجمهور، الذين يقولون بالاكتفاء بمسح بعض الرأس.