المماليك عنده، فزوج فتح الله أمه وفوض أموره وأسكنه معه، فاشتهر حينئذ وشاع ذكره، واستقر في رئاسة الطب بعد موت عمه بديع، ثم عالج برقوق فأعجبه، وكان يدري كثيراً من الألسنة ومن الأخبار فراج عند الظاهر واختص به وصار له مجلس لا يحضر معه فيه غيره، وباشر رئاسة الطب بعفة ونزاهة، فلما مات الكلتساني قرره الظاهر في كتابه السر بعد أن سعى فيها بدر الدين ابن الدماميني بمال كثير فلم يقبل عليه الظاهر أحد أوصيائه واستمر في كتابه السر بعده، ولم ينكب إلا في كائنة ابن غراب ثم عاد، وكانت خصاله كلها حميدة إلا البخل والحرص والشح المفرط حتى بالعارية، وبسبب ذلك نكب فان يشبك لما هرب من الوقعة التي كانت بينه وبين الناصر ترك أهله وعياله بمنزل بالقرب منه فلم يقرئهم السلام ولا تفقدهم بما قيمته الدرهم الفرد فحقد عليه ذلك، وكان ذلك أعظم الأسباب في تمكين ابن غراب من الحط عليه، فلما كانت النكبة المشهورة لجمال الدين كان هو القائم بأعبائها، وعظم أمره عند الناصر من يومئذ وصار كل مباشر جل أو حقر لا يتصرف إلا بأمره، فلما انهزم الناصر وغلب شيخ استمر به وقام بالأمر على عادته إلى أن نكبه في شوال سنة خمس عشرة وثمانمائة واستمر إلى أن مات، قرأت بخط الشيخ تقي الدين المقريزي: كان لفتح الله فضائل جمة غطاها شحه حتى اختلق عليه أعداؤه معايب برأه منها فإني صحبته مدة طويلة تزيد على العشرين